طلال البلوشي


يعد عامل الأمان الوظيفي من أهم العوامل المحفزة للموظف، حيث ينعكس شعوره بأنه لن يفقد وظيفته ما لم يرغب هو في تركها على رفع مستوى أنتاجيته، ويزيح عنه الشعور بالقلق اتجاه مستقبله، وقد تبنت المؤسسات الحكومية العمانية هذا الاتجاه، إذ يعتبر إصدار قرار بفصل موظف عن عمله من أصعب القرارات وأقلها أتخاذاً على مر السنوت الماضية، ورغب الإيجابيات الكبيرة لتبني مثل هذا الأتجاه إلا أنه وللأسف الشديد تم أستغلال ذلك أستغلالاً سيئً من قبل عدد من الموظفين الذين وتحت شعورهم بالأمان من العقوبة أساؤوا إلى وظيفتهم إساءة كبيرة، إذ لم يلتزموا بوقت العمل سواءً كان ذلك بالتأخر في الحضور والأنصراف المبكر أو الأكتفاء بتسجيل الحضور والإنصراف وما بين التسجيلين يقضون وقتهم خارج مكان العمل، بالإضافة إلى التقصير الناتج عن الأستهتار في القيام بمهامهم الأمر الذي يتحمل نتيجته العملاء الذين في الغالب لا يملكون سوى خيار الصبر على ذلك، كما أن الإحساس بالأمان الوظيفي جعل البعض غير مهتم ببناء مهاراته وصقل قدراته بما يتلائم واحتياجات وظيفته المتجددة دائماً، فتجده بطيئاً في تنفيذ مهامه كثير الأخطاء، ولماذا سيكترث لذلك وهو واثق كل الثقة باستمراره في عمله إلى أن يصل السن القانوني للتقاعد أو يقرر هو بنفسه المغادرة.

وهنا ومن أجل المقارنة بنموذج آخر يتبنى الحوكمة كأساس في أستمرار الموظف في عمله؛ نجد أن التوظيف في المؤسسات الحكومية السنغافورية يتم عن طريق عقود توظيف سنوية، تشترط قيام الموظف بتحقيق الحد الادنى من الأهداف السنوية المخصصة له لتجديد العقد، إذ يتم في نهاية العام قياس أدائه وبناءً على النتائج يتم مكافأته إذا ما حقق تلك الأهداف تحقيقاً تاماً أو تجاوز ذلك، وإذا ما أخفق في تحقيقها لا يتم تجديد عقده، وبذلك يحرص كل موظف إذا ما أراد الأستمرار في وظيفته أن يجتهد في القيام بمهامه وأن يحرص على تطوير قدراته.

وعوداً إلى الوضع المحلي، ونظراً للتحديات الكبيرة التي تعترض المرحلة الحالية والقادمة، فإن الأستمرار على النمط الحالي في التعامل مع الموظف المقصر لن يخدم القدرة التنافسية للدولة والتي تتطلب جهود مضاعفة، ويعتبر وجود عدد من الباحثين عن عمل فرصة لأنتقاء الأفضل، فإذا كان الموظف غير جدير بالأحتفاظ بوظيفته فهناك من الباحثين عن عمل من هو أجدر منه وأكثر استحقاقاً لها.

 2,894 total views,  2 views today

Hits: 239