Dr Ghadeer

د. غدير بنت محمد اللواتي

التواج -أو ما يُسمَّى في اللغة اللاتينية (Pericoronitis)- يعني: “حول (peri)، تاج (coron)، صفة الالتهاب (itis)”.. وهي حالة التهابية شائعة، يشتكي منها الكثير، خُصوصا الشباب في مرحلة نمو ضرس العقل (17-25 سنة)، وتحدث تلك الحالة الالتهابية في اللثة المحيطة بأطراف أضراس الرحى -سواء: البارزة كليا، أو جزئياً، أو المدفونة تحت اللثة- وغالباً ما تصيب منطقة ضرس العقل في الفك السفلي.

ويرجع سبب هذا الالتهاب إلى تراكم البكتيريا والفضلات الغذائية -الناجم عن عدم رعاية الصحة الفموية، وتنظيف الأسنان بطريقة صحيحة- ما يُسبِّب انغراسَ تلك المواد الضارة، وترسُّبها تحت اللثة في تلك المنطقة.

وتشير الدراسات إلى نوع البكتيريا اللاهوائية (anaerobic bacteria)، والعقدية (stereptococci)، إضافة إلى الفلورا الفموية.

وفي العام 1844، أطلق الطبيب جونيل على هذه الحالة اسم “الحالة المؤلمة”، ومع نهاية القرن التاسع عشر تغيَّر الاسم إلى “التهاب الأجربة”، ومع مطلع القرن العشرين سُمِّي بـ”التواج”.

بدايةً، تظهر أعراض الالتهاب في حدود الضرس، ثم تورُّم واحمرار اللثة، مصحوباً بالألم وصعوبة في المضغ، يلي ذلك: انتشار الألم في المنطقة وما يحيطها؛ فيتسع ليصل إلى الأذن أو أسفل الفك، إضافة إلى صُعوبة في فتح الفم، وإفراز مواد قيحية مسبِّبة رائحة وطعماً كريهاً في الفم.

ويُصاحب الالتهاب: ارتفاعٌ طفيفٌ في درجة حرارة البدن، وضعف عام في البدن، مع اضطراب النوم نتيجة للألم، وتورُّم العقد اللمفاوية المحيطة بمنطقة الالتهاب والعضلات الماضغة.

تلك الأعراض قد تتشابه مع أعراض مشكلات أخرى؛ كتسوُّس أضراس الرحى، والتهاب العَصَب، وأمراض الأنسجة واللثة، وأكياس سنية، أو اختلالات المفصل الفكي.

وللتشخيص الصحيح، يلجأ طبيب الأسنان إلى الفحص الكلينيكي والأشعة الطبية، وبالتالي يُحدِّد العلاج المناسب للحالة.

يبدأ العلاج الصحيح لهذه الحالة الالتهابية بالعناية الشخصية، ورعاية صحة الفم ونظافته؛ عن طريق تطهير الفم من البكتيريا الضارة والمواد المترسِّبة تحت اللثة، باستخدام أدوية المضمضة المتوفرة في الصيدليات -المحتوية على مادة (chlorhexidine)- وتنظيف الأسنان واللسان بالفرشاة والمعجون -المحتوي على الفلورايد- والتأكيد الشديد على استخدام خيط الأسنان بعد الوجبات؛ للتخلص من بقايا الطعام بين الأسنان؛ حيث إن فرشاة الأسنان لا تصل لتلك المناطق الضيقة. هذا إضافة إلى مُراجعة طبيب الأسنان كل ستة أشهر؛ للحصول على تنظيف شامل وعميق للأسنان والأنسجة المحيطة بها من البلاك المتراكم حول أعناق الأسنان وتحت اللثة.

ويضاف إلى ذلك: الاستخدام المتكرر لمحلول الماء الدافئ والملح كمضمضة مُطهِّرة للفم، والذي بدوره له أثر فعَّال في تسكين الألم، وطرد البكتيريا من الفم.

أما في حالات الالتهاب الحادة، فيقوم طبيب الأسنان بوصف مضاد حيوي -من فئة البنسيلين- لفترة تتراوح بين 3-5 أيام؛ للحد من شدة الأعراض، والقضاء على الخلايا الالتهابية.

وبعد زوال الأعراض تماماً، يجب مُراجعة طبيب الأسنان للحصول على العلاج النهائي؛ فما سبق ذكره يُعد علاجا موضعيًّا للتخلص من الألم في فترة الالتهاب، وإهمال موضوع العلاج سينتُج عنه عَوْدة مجدَّدة للالتهاب بعد فترة زمنية قصيرة.

ويكون العلاج النهائي بعد اختفاء علامات الالتهاب الموضعية -كالاحمرار، والتورم، والألم- وحينها سيباشر طبيب الأسنان عملية خلع الضرس المسبِّب للالتهاب.

وفي بعض الحالات، يكتفي الطبيب بإزالة مقدار من اللثة المتهيِّجة المحيطة بضرس العقل، عن طريق عملية جراحية بسيطة تحت تأثير التخدير الموضعي.

وختاماً.. العناية الشخصية بالصحة الفموية تلعب دوراً أساسيًّا في منع حصول “التواج”، والحد من الأعراض الناجمة عنه.

 14,636 total views,  2 views today

Hits: 1876