بقلم صبا عمر

كاتبة للأطفال ومديرة ثقافة الطفل في إدارة الثقافة


أشرقت الشمس بنورها وقبلت وجه الصباح كأي يوم عادي من أيام الصيف الوادعة.

توجه الجميع إلى المكان المحدد لانطلاق الرحلة، اقترب مشرف الرحلة أَغْيَدُ ليرحب بالحاضرين ويتفقد العدد الموجود، أخذ ينظر إلى المجتمعين تارة وإلى ساعته تارة أخرى بتوتر واضح خوفاً من ألا تسير الرحلة كما هو مخطط لها.

في الساعة السابعة اجتمع الركاب بوجوه مشرقة مسرورة، تقدم أَغْيَدُ وطلب من الجميع الصعود إلى الحافلة والجلوس في أماكنهم المحددة وبعد أن صعد الركاب سارت الحافلة خارج المدينة إلى أول مكان أثري.

أصوات الركاب تحمل من الحماسة والسرور الكثير، تفحص أَغْيَدُ تلك الوجوه وأخذ نفساً عميقاً تعبيراً عن ارتياحه، وكان للجو المشرق الدافئ كبير الأثر في النفوس.

في منتصف الطريق انتبه السائق أوس إلى أربع سيارات تسير خلف الحافلة، وراح يراقبها طوال الطريق، وعندما تأكد من ملاحقتهم لهم نادى على مشرف الرحلة.

أوس: أظن أن السيارات التي خلفنا تلاحقنا، لقد راقبتهم طوال الفترة الماضية.

أَغْيَدُ: هل أنت متأكد؟ حاول ألا يعلم أحد من الركاب بهذا الأمر حتى لا تعم الفوضى، وأنا سأهتم بالأمر.

أوس: حسناً.

اتجه أغيد إلى الجزء الخلفي من الحافلة، وأخذ ينظر عبر النوافذ إلى السيارات، ثم عاد إلى السائق وطلب منه تغيير الطريق.

 

 

 

 

 

 

 

 

أَغْيَدُ: حاول أن تغير مسارك، اتجه إلى أقرب مدينة، وسر عبر الطرقات المزدحمة.

أوس: لك ذلك.

توجهت الحافلة نحو شوارع المدينة المزدحمة، كان أَغْيَدُ يحاول الا يشعر الركاب بأي شيء، لذلك قام بتقديم الضيافة، وراح يحدثهم ويمازحهم حتى يشتت انتباههم عما يجري.

أشار أوس لمشرف الرحلة كي يقترب منه.

أوس: انظر إلى السيارات، لقد ظهر عبر نوافذها بندقيات ومسدسات.

شعر أَغْيَدُ بالجزع، وتغيرت ملامح وجهه، ثم أشار إلى السائق أن يكتم الأمر، إلا أن الراكب الجالس خلف السائق سمع الحديث الذي دار بين أوس و أغيد، فأخبر الركاب بما سمع، هنا بدأت الفوضى تعم أرجاء الحافلة.

وقف أَغْيَدُ في منتصف الحافلة، وأخذ يهدئ من روع الركاب.

أَغْيَدُ: أرجوكم لا تخافوا واجلسوا أماكنكم ولا تجزعوا، سأتدبر الأمر، ولن يحدث لكم أي مكروه.

نظر أغيد إلى الاسلحة الظاهرة عبر نوافذ السيارات، وراح يحدث نفسه: هذه الرحلة ومن فيها مسؤوليتي، وكل شخص هنا حياته أمانة في عنقي، عليّ أن أبادر واتخذ القرار الصحيح لحمايتهم ولو كلفني ذلك حياتي.

اتجه من فوره إلى السائق، وطلب منه إيقاف الحافلة بعرض الشارع، حتى يجبر السيارات على الوقوف، واستدار نحو الركاب وخاطبهم: أرجوكم ابقوا في أماكنكم، وحافظوا على هدوئكم، بينما أعود إليكم أعدكم ألا يحدث لأحد أي مكروه.

ثم نزل من الحافلة متوجهاً نحو أول سيارة وهو خائف متوتر مقطباً حاجبيه، تابعه الركاب بعيونهم وأنفاسهم المتلاحقة، إلى أن وصل إلى السيارة، وتحدث مع سائقها، وفي لحظة حبس الأنفاس شاهد الركاب أغيد يضحك ويتحدث براحة تامة، ثم عاد إلى الحافلة برفقة سائق السيارة. صعد أغيد والرجل إلى الحافلة وراح الرجل يتحدث إلى الركاب: أعتذر لكم عما حدث وعلى ما سببناه لكم من خوف وهلع غير مقصود، نحن أربع عائلات خرجنا في رحلة، وعندما علمنا أن حافلتكم تقوم برحلة أيضاً تبعناها أما البنادق والمسدسات فهي لأطفالنا يلعبون بها، تقبلوا اعتذاري مرة أخرى.

ضحك الجميع لهذا الموقف المحرج، وشكر أغيد الرجل لتوضيحه الأمر، ثم اتفقا على تكملة الرحلة سوياً.

عاد الرجل إلى سيارته، وعادت الحماسة والبسمة لوجوه الجميع، ثم تابعت الحافلة سيرها نحو آثار بلادنا الجميلة.


رابطة ثقافة الطفل العربي
د. مصطفى عبدالفتاح رئيساسوريا
الناقدة صفاء البيليمصر
المدربة والكاتبة أمينة الرويميالجزائر
الكاتبة والمترجمة أسماء عمارةمصر
التربوية الباحثة فاطمة الزعابيسلطنة عمان

 3,392 total views,  8 views today

Hits: 249