سِيميَاء أدَب الطفل فِي المجاليْن: الثقافي والتربوي
اعداد:
د. وفاء الشامسي
————————————-
بَدَأ أدبُ الطفلِ في الوطن العربيِّ يتَّخذ مكانةً مهمَّة وبارزة ضِمن صُنُوف الأدب المختلفة، وأمسَى الاختصاصُ في هذا المجال ضرورةً ملحَّةً للكاتب، والفنان، والتربوي ممن يُمَارِس المهام ذات الصِّلات الوثيقة به. ومن هُنا، انطلقتْ أعمال ندوة “إستراتيجيات تربويَّة لأدب الطفل”، في صلالة -21 سبتمبر 2018م- تحت رعاية المكرَّمة الدكتورة سعاد بنت مُحمَّد اللواتية نائبة رئيس مجلس الدولة، وبتنظيمٍ مُشترك بين مجالس الأثير للمؤتمرات والندوات، والنادي الثقافي.
وشهدتْ الندوة تقديمَ عديد أوراق العمل، من خلال جلستيْ عمل، شارك في الأولى كلٌّ من: الفنان العراقي عزيز خيون مُتحدِّثاً عن “أهمية مهرجانات مسرح الطفل”، والأديب عبدالرزاق الربيعي في مداخلة بعنوان “توظيف الموروث الشعبي في مسرح الطفل”، والفنَّان المسرحي مُحمَّد بن المهندس اليافعي بورقة معنونة بـ”التجديد الدرامي والمرئي لأدب الطفل”، والدُّكتورة عزة القصابية بورقة عنوانها “القصَّة في مسرح الطفل”.
بينما اشتملتْ الجلسة الثّانية على أربع مداخلات؛ بدأها الدكتور سعيد السيابي نائب رئيس النادي الثقافي مُتحدِّثاً عن “أهمية الدراما كوسيلة تربوية وعلاجية للأطفال”، والورقة الثانية قدمتها الدكتورة وفاء الشامسية بعنوان “القيم المضمَّنة في النصوص الأدبية لمناهج اللغة العربية للصفوف من 1-4”. أما الورقة الثالثة، فكانت بعنوان “خواطر حول أدب الطفل ونقده” قدَّمها الدكتور مُحمَّد الغزي الحائز على جائزة أدب الطفل من مركز السلطان قابوس للثقافة والعلوم، واختُتمت الندوة بقراءة في كتاب “حكايات جدتي” للكاتبة العُمانية خديجة الذهب.
ولأهميةِ ما قُدِّم في هذه الندوة، سنسلِّط الضوءَ في هذا الملف على بعض ما تم تقديمه فيها؛ سواء فيما يخصُّ الجوانب المسرحية، أو القصصية، أو الدرامية، أو المجال التربوي التعليمي، ومجال التراث المحكي.
————————————
توظيف التراث الشعبي في مسرح الطفل
عبد الرزاق الربيعي
يُشكِّل التراثُ الشعبيُّ مادةً خَصبة تمدُّ صُنَّاع المسرح بالكثير من الأفكار والرُّؤى، ويحظى المسرحي الذي يشتغل على التراث الشعبي بتقدير عالٍ؛ كونه يُعرِّف بالتراث الذي هو ما يصل للخلف من السلف، أو ما يتركه الأجداد للأحفاد من موروثات؛ سواء كانت مادية كالقطع الأثرية والأزياء والصناعات اليدوية، أو شفهية كالحكايات والأساطير، وثقافية كالقيم والعادات الاجتماعية والتقاليد والطقوس والمأكولات الشعبية والرقصات والأمثال السائرة والألعاب والاحتفالات، وهذا ما يُطلق عليه “التراث الشعبي”. وبذلك؛ يُقدِّم المشتغل على المادة التراثية خدمات جليلة للمجتمع، والأجيال الجديدة؛ لأنَّ هذه المادة بما تحمله من قيم، وخبرات متراكمة، من الضروري أن تبقى حيَّة؛ كونها تُمثِّل هُوية وطنية، ومصدرَ اعتزاز، لتصل إلى النشء الجديد، خصوصًا وأنَّ الكثيرَ من الموروثات باتت اليوم مُهدَّدة بالاندثار، في ظل الانفتاح العشوائي على العالم الخارجي، وهبوب رياح العولمة من كل الاتجاهات؛ لذا ينبغِي أخذ الحيطة والحذر، وتكريس الجهود، واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على تلك الموروثات، والمسرح خيرُ من يَقُوم بهذا الدور الحضاري والواجب الثقافي؛ كونه واجهة حضارية تثقيفية، تحملُ خطابًا مُبَاشِرا للجمهور.
وقد احتلَّ المسرحُ مكانةً في حياةِ الشُّعوب منذ نَشْأَته في القرن الخامس قبل الميلاد في اليونان، أيام ازدهار الحضارة الإغريقية والرومانية، وظلَّ يمتلك تأثيرا على الجمهور الواسع، وإلى جانب رسائله الجمالية له أهداف تربوية؛ فالمسرح -كما يقول مارك توين- “أقوى معلم للأخلاق، وخير دافع للسلوك الطيب؛ فدروسه لا تلقن بالكتب، بل بالحركة المنظورة”. وإلى جانب ذلك، لمسرح الطفل أهدافٌ توجيهية وترفيهية؛ فهو يوسع مدارك الطفل، ويحبِّب إليه سلوكيات معينة، ويُثرِي مداركه، ويعرِّفه بالأزياء، والديكورات، فيوسِّع أفقه، ويجعله يعيش أجواءً ساحرة، ويقدم مسرح الطفل مادةً مُحبَّبة لجمهور الأطفال؛ كونه يعزف على قواسم مُشتَرَكة بين المحيط والجمهور المستهدف، وتتمثَّل المادة التراثية في: الأغاني، والحكايات الشعبية، والألعاب، والفنون الشعبية، والأحاجي.
وتبرز هنا ثلاثة اتجاهَات:
- الأول: يُقدِّم المادة التراثية كما هي؛ ناظرا إليها بعَيْن التقديس.
- الثاني: يُضِيف إليها، أو يحذف منها، وهذا مرفوضٌ من البعض الذي يعتبر هذا العمل تلاعبًا، وتشويشًا على ذائقة المتلقي، الذي يُريد أن تصل إليه المادة التراثية كما هي.
- الثالث: يُركِّز على قِيمة مُعيَّنة، ويقوم بإبرازها، وإعادة إنتاجها وفق رُؤية تتفاعل مع الحاضر، وإخراجها من حالتها الجامدة التي تكلست عليها طبقات بفعل التقادُم وحركة الزمن، إلى مادة تتفاعُل مع مُتغيِّرات العصر.
ومعروفٌ عن التراث الشعبي العُماني ثراؤه، هذا الثراء حفَّز الكثيرَ من المُشتغلين -في المجالات عامة؛ ومن بينها المسرح- على استثماره، وتوظيفه في أعمالهم؛ بهدف إحياء هذا الموروث، وتحفيز المشتغلين في المسرح العُماني إلى غِناه.
مِنَ الضَّروري الالتفات للموروث، وتجسيدُه على خَشبة المسرح، بمنطقِ الطفلِ وليس بمنطقِ الكِبَار، كما يُؤكِّد المشتغلون في هذا الحقل على أهمية قراءته، مع إدراك كيفية الاستفادة من عناصره، وعلى المشتغل على هذا الموضوع بالمسرح اختيار المادة التراثية، وفحص أبعادها، والوقوف على جوانبها الإيجابية والسلبية، ثم القيام بتصفيتها، وتقديمها بقالب يعتمدُ على التشويق لجذب انتباه الطفل، والشد البصري والسمعي عن طريق الموسيقى والرقصات والأغاني، والأزياء، والديكورات اللافتة للأنظار، بلغةٍ سهلةٍ قريبةٍ من مَدَاركه وجُمل قصيرة.
————————————-
القصة في مسرح الطفل
د. عزة القصابية
تُعدُّ القصة من العناصر المهمة في صُنع الإبداع في الأجناس الأدبية والفنية. وبدونها، يتحوَّل العمل الإبداعي إلى قالب أجوف، لا معنى له، ويفتقد إلى جانب الإحساس الإنساني. ومسرح الطفل من أهم أنواع المسارح التي تحتفِي بالقصة -بأنواعها: المروية والمصورة- كونه يُخَاطِب عقلية الطفل الذي تُطْرِبه القصة وأحداثها المثيرة ضمن خياله الخصب.
ورَغْم أهمية فن مسرح الطفل ودوره الفاعل، إلا أن الإنتاج المسرحي يقف متواضعا أمام هذا الكم الهائل من النتاجات الفنية والأدبية التي تُقدَّم للبالغين.
أمَّا عن مسرح الطفل في سلطنة عُمان، فهو شحيحُ الظهور، ويقتصر وجودُه في حدود المسرح المدرسي، لنُدْرَة الجهات الراعية لهذا الفن الذي يخص الصغار. ولو كان هناك اهتمام لقدر لهذا المسرح أن يسير جنبا إلى جنب مع مسرح الكبار في النهوض بالثقافة المسرحية في المجتمع.
ويُعدُّ العمل في مجال مسرح الطفل من الأعمال المعقدة التي تحتاج جهودًا حثيثة في أكثر من قطاع؛ مثل: علم النفس، والتربية، وعلم الاجتماع، وعلم اللغة، إضافة لمُتخصِّصين في مجال اللعب الحركي؛ لذلك نأمل أنْ نرى هذه القطاعات تعمل سويا نحو تأسيس وتكوين مسرح للطفل مُتعدد الطاقات، يمكن استثمارها وتشكيلها بأسلوب جمالي وفني راق.
————————————
أهمية الدراما كوسيلة تربوية وعلاجية للأطفال
الدكتور سعيد السيابي
هُنَاك أنواعٌ دراميَّة معروفة؛ مثل: الدراما التليفزيونية والاذاعية والسينمائية والإعلانية والمسرح، وما يَهمُّنا في هذه الورقة أهمية المسرح كوسيلة تربوية وعلاجية بالنسبة للأطفال. وكما هو معلوم، تنبُع ميزته من كَوْنِه فنًّا مباشرًا وتفاعلًا مُباشرًا بين الجمهور والممثل؛ من خلال عروض مسرحية حية ومباشرة، والإنسان الممثل كعنصر رئيسي في العرض، فيكون التأثير مباشرًا لعدم وجود فاصل بين الطفل المشاهد والممثل؛ لذا يكون أقوى في التأثير من الفنون الأخرى.
إنَّ المسرح يختلف عن غيره من الفنون؛ من حيث أنَّه يجمع فنونًا عديدة: الكتابة، والتمثيل، والإخراج، والتصميم، والموسيقى، والعمارة، والبناء، والإضاءة، وفن المكياج والأزياء. لذا العمل المسرحي يتطلب فريقَ عمل، وهذا العمل الجماعي هو ميزة أخرى في ذاته. لتقديم عرض مسرحي يشترك المؤلف، والمخرج، والممثل، ومصمم الديكور، ومصمم الأزياء، والموسيقي.. وغيرهم. هذا العمل الجماعي يجعل الطفل والفنان المسرحي ينسجمان مع الآخرين، ويتحلى كل منهما بأخلاق التعاون والإيثار ونبذ الأنانية والفردية. إن من أهم الجوانب التربوية لدراما الطفل أنها قادرة على أنْ تمدَّ الأطفال بطرق مميزة ومتعددة لاكتشاف مواهبهم التشاركية والتفاعلية مع ما يُقدَّم لهم وبهم؛ فعندما يشترك الأطفال في التنفيذ والإعداد للعمل الدرامي، فهم يكونون شركاء في عملية التعليم والتعلم، بدلًا من أن يكُونوا مُستقبلين فقط فيها. كذلك الدراما توظف عقول الأطفال وإمكانياتهم، وتدفعهم للخروج بردة فعل خاصة تتم بلورتها من خلال وسائل قريبة منهم، وبدورها تُسْهِم في أن تعكس شخصيتهم ومواهبهم الفنية المختلفة. وتشجع الدراما الأطفال على أن يكونوا مشاركين نشيطين في عالمهم، بدلا من أن يكونوا مجرَّد مُرَاقبين لما يدور فيه. لذا؛ يرى عددٌ من علماء النفس أنَّ الدراما هو من أهم الوسائل التي تستخدم لتحقيق الشفاء النفسي من الكثير من المشكلات: كالخجل، والانطواء، وعيوب النطق، والخوف من مُوَاجهة الناس؛ فقيام الأطفال بتمثيل دور ما في إحدى المسرحيات، أو قيامهم بمشاهدتها، يُؤدِّي ذلك عادة إلى نقص التوتر النفسي، وتخفيف هذه الانفعالات المكبوتة. فالتنفيذ الدرامي يعتمد في ذلك على حركة الجسم والإشارات وتعبيرات الوجه وطريقة الكلام واللغة، وجميع هذه العناصر تجعل من دراما الطفل وسيلة ذات قوة تربوية وعلاجية مهمة للتثقيف والتأثير والتوجيه، إلى جانب الترويح والتسلية الهادفة. لهذا؛ ندعو لضرورة تعزيز مكانة الدراما بكل أنواعها، واعتمادها في مناهجنا التربوية، وتوظيفها لتحقيق الأهداف التربوية؛ من خلال الاستفادة من الإمكانيات الدرامية التي تُقدَّم. وبدورها، تقوم الدراما بغرس القيم الاسلامية الأصيلة، والسلوكيات القويمة، واستشراف المستقبل بتقنياته الجديدة.
————————————
القيم المضمَّنة في النصوص الأدبية لمناهج اللغة العربية للصفوف
د. وفاء الشامسي
القِيَم دَوَافِع مُحرِّكة لسُلوك الفرد، ومُحدِّدة له، ولها أثرٌ فعَّال في تكامُل شخصيته. ذلك أنَّ اتساقَ نظام القيم لدى الفرد يعني أنه ذو شخصية سليمة، بينما تؤدي الصراعات في نظامه القِيمي إلى اضطرابات عصابية. والفردُ من جهة أخرى عضوٌ في مجتمع، ولكي يتمكَّن من الحياة في هذا المجتمع، عليه أن يتبنى نظامَ القِيَمِ السائدَ فيه. وهذا لا يعني أنه لا يجوز للفرد أن يتحدى ذلك النظام؛ إذ المُصْلِح الناجح عادة هو فرد يُشَارِك في معظم قِيَم جماعته، وعن طريق هذه المشاركة يمكنه الاتصال بهم لكي يُبشر بقيم غير تقليدية لها أثر في عمليات التغيير الاجتماعي. وتُعَد هذه التغييرات في القيم أساسية في أية محاولة ناجحة للتطور. ولهذا السبب، تصوغ الفلسفة التربوية هذه القيم في شكل أهداف، وتطرحها عن طريق المدرسة ووسائل الإعلام والثقافة، تبعاً لإيمانها المطلق بأنَّ القيم ليست فطرية، بل مُكتسبة خلال عملية التعلُّم.
ويعتمدُ شكلُ مستقبل أيِّ مُجتمع على القيم التي يختارها، أكثر من اعتماده على زيادة تقدم التكنولوجيا، والسبب في ذلك أن القيم تؤثر في أدق وظائف الثقافة؛ ابتداء من تقدُّم التكنولوجيا حتى مُتطلَّبات الأداء الوظيفي والمشاركة الاجتماعية، وتزدادُ أهمية القيم ودورها في تشكيلها، بسبب حاجة الإنسان المعاصر إلى الإحساس العميق بهُويته وانتمائه لبلده؛ وذلك لما نراه من الانفتاح والثورة المدنية، التي أدت لانهيار القيم التي كنت تحكُم سلوك الأفراد والجماعات، والسبب الآخر هو اختلاط القيم العالمية الأصيلة إيجاباً وسلباً. وهنا، يأتي دَوْر الجهود الجماعية للإبقاء على القيم الإيجابية وجعلها أكثر فاعلية في المجتمع، ومحو القيم السلبية وآثارها؛ إبقاءً للنوع البشري ورقيه )الخوالدة والشوحة، 2005م(.
وتتحمَّل المؤسسات التربوية مسؤولية كبيرة في ترسيخ النظام القيمي لدى طلابها؛ لذا ينبغِي التأكيد على ضرورة وضوح الأحكام القيمية التي تسعى أي مؤسسة تعليمية لإكسابها لطلابها، وأن تكون هذه الأحكام جزءاً من رؤية المؤسسة ورسالتها المُعلنة )دوفر وإيكر، 2001م).
والعلاقة بين القيم والتربية وثيقة الصلة؛ فالقيم أهدافٌ نسعى لتحقيقها، والتربية منفذة لهذه الأهداف (نشواتي، 2003م)، وبما أن المناهج التربوية تتضمَّن هذه الأهداف -بما تحويه من قِيَم واتجاهات وعمليات ومهارات ومعارف- كان لا بد من تحديد الأحكام القيمية التي ينبغي إكسابها للناشئة )عكور، (2002. Beauchamp,1996.
وانطلاقاً من أهمية الكتاب المدرسي في عملية التعليم والتعلم، ودَوْره البارز في تنفيذ المنهاج، فقد ازداد الاهتمام بتحليله وتقويمه، ولا بد أن تخضع كتب اللغة العربية بشكل عام، وكتب الصفوف الأولى بشكل خاص، للتحليل وللتقويم؛ من حيث: ملاءمة محتواها لمستوى الطلاب العمري والعقلي، وطبيعة المعارف التي تتضمنها، والقيم والاتجاهات التي توجههم. ونظرًا لما لكتب اللغة العربية من أهمية بارزة بين الكتب المدرسية المختلفة، باعتبارها أم العلوم والوعاء الذي نقدم به المعارف للطلاب؛ فمن المُتوقَّع أن يكون لها دور بارز وإسهام متميز في تزويدهم بالقيم المتنوعة؛ فهي مجال واسع للتنوع في الموضوعات، ومن أكثرها تنوعاً واستجابة لتضمين موضوعات تشتمل على القيم المختلفة، وتزداد الإمكانات التي تُؤدِّيها كُتب اللغة العربية في غرس القيم؛ من خلال ما تتضمَّنه من حقائق وقيم وسلوكيات، والحكم على مدى ما تسهم به هذه الكتب في تزويد الطلاب من معلومات ومهارات وقيم تتطلب تحليل ما تحتويه هذه الكتب من قيم (مقابلة، والبشايرة، 2007).
إنَّ القيم التي اقترحها تصنيف “وايت” المطوَّر تقع ضمن ثماني مجموعات؛ هي:
- مجموعة القيم الاجتماعية: وحدة الجماعة، الظرْفُ واللطافة، قواعد السلوك، التواضع، المماثلة )التشبه)، الكرم والعطاء، التسامح وحب الناس )الجنس الآخر، الصداقة).
- مجموعة القيم الأخلاقية: الأخلاق، الصدق، العدالة، الطاعة والدين.
- مجموعة القيم القومية/الوطنية: الوطنية، حرية الوطن ووحدة الأقطار المجزأة (عربية، غير عربية).
- مجموعة القيم الجسمانية: الطعام، الراحة، النشاط، الصحة وسلامة الجسم والرفَاهِيَة.
- مجموعة القيم الترويحية (التسلية، اللعِب): الخبرة الجديدة، الإثارة، الجمال، المرح والتعبير الذاتي المبدع.
- مجموعة قيم تكامُل الشخصية: التكيف والأمن الانفعالي، السعادة، التحصيل والنجاح، التقدير، اعتبار الذات (احترام الذات)، السيطرة (التسلط)، العدوان، القوة، التصميم، الحرص والانتباه، استقلال الفرد وأخيراً المظهر.
- مجموعة القيم المعرفية/الثقافية: المعرفة، الذكاء والثقافة.
- مجموعة القيم العملية الاقتصادية: العملية) الواقعية ،( الضمان الاقتصادي، الملكية العامة والمعاملات الاقتصادية.
وانطلاقاً من هذا التصنيف، استندتْ الدراسة إلى تحليل القيم، والتعرُّف عليها من خلال رصدها، وتحديد مجالها، ومعدل تكرارها. حيث اعتمدت مصطلح القيم التربوية -والذي يُقصد به: مجموعة المعايير والمبادئ التي يكتسبها التلاميذ، لتوجيه سلوكهم وممارساتهم في الحياة الاجتماعية- فضلاً عن توظيفها في إصدار أحكامهم القيمية على الأشياء والأقوال والأفعال في حياتهم اليومية؛ وهي:
القيم العقائدية: تتضمن موضوعات العقيدة الإسلامية (الشهادتان، أسماء الله الحسنى، صفات الله وقدرة الله وعظمته)، وموضوعات عن الرسول عليه الصلاة والسلام )نشأته، حياته وصفاته).
القيم التعبُّدية: الدعاء، الصلاة، الصيام، الزكاة، حج البيت، القرآن الكريم وتلاوته والإنصات له، البسملة والحمد والشكر.
القيم الشخصية: تتمحور حول أخلاق الطفل الشخصية من نظافة، واهتمام بالصحة، وحب العلم، والوطن، وحب المدرسة، والصدق، والأمانة، والنظام، والبيئة، والرياضة، والتأدب.. إلخ.
القيم الاجتماعية: تتمثَّل في علاقة الطفل بوالديه، والإحسان للجار، واحترام الناس ومساعدتهم، وصلة الرحم والعطف والرحمة، والتعاون، والمشاركة، وآداب الزيارة، والكرم، والصفح، والاعتذار..إلخ.
القيم الوطنية: وهو ما يتعلق بحب الوطن والاعتزاز به، والمحافظة عليه، وذكر رموزه، وأبطاله، ومعالمه، وإنجازاته، والدفاع عنه، والتضحية والفداء في سبيله.
وقد جَاء توزيع النُّصوص الأدبية في المناهج موضوع البحث على النحو التالي:
× في مِنْهَاج الصف الأول: خمسة نصوص شعرية.
× في مِنْهَاج الصف الثاني: خمسة نصوص شعرية
× في مِنْهَاج الصف الثالث: تسعة نصوص شعرية، وأخرى نثرية.
× في مِنْهَاج الصف الرابع: تسعة نصوص شعرية، مقابل أحد عشر نصًّا نثريًّا.
وبعد رَصْد توزيع القيم وتكرارها في النصوص الأدبية المشار إليها سابقاً، فقد جاءتْ القِيَم الشخصية في المرتبة الأولى، تلتها القيم الاجتماعية، وجاءت القيم الوطنية ثالثاً، بينما جاءت القيم العقائدية رابعاً، واحتلت القيم التعبُّدية المستوى الخامس. وقد أكَّدت الباحثة أهمية توسيع دائرة النصوص التي تخدم طفل اليوم؛ مما يجعل الكتاب منافساً جاذباً للطفل في ضوء سيطرة الوسيط الذكي على اهتمام الأطفال.
————————————
خواطر حول أدب الأطفال
د. مُحمَّد الغزي
ما فَتِئت أقبل على أدب الطفولة أقرؤه بشغف وحب كبيرين، فأنا أزعم أن أدب الطفولة هو النوع الوحيد الذي بقي رديف الحلم والدهشة والغرابة فيما أصبحت كل الأنواع الأدبية الأخرى -بما فيها الشعر- قرينة التأمُّل والتفكُّير وكد الذهن.
هل أقول إنَّ كُتَّاب القصص هم صُنَّاعُ أساطيرنا الجديدة، بعد أن فقدت الأساطير القديمة دورها وانطفأ بريقها الأول؟
هل أقول إنَّهم آخر من يُصر على إخراج الإنسان من زمنِ اللوغوس وإعادته إلى زمن الميثوس؟
مَهْمَا تكُن إجابتنا فإنَّ أدبَ الطفل ما فَتِئ يغنم مساحات جديدة في ثقافتنا العربية، ويغنم متقبلين جُدد يحتفون به ويقبلون عليه. لكن رغم ذلك ظل هذا النوع الأدبي على هامش الأدب، يصبُو إلى شرعية لم يحصل عليها بعد.. فلم تنفتح له حلقات البحث، ولم تحتفِ به المؤسسات التعليمية، ولم تحتضنه الجامعات!!!!
والسؤال الذي نُرِيد أن نُثِيره في هذه الورقة: لماذا ظلت الثقافة العربية تُهوِّن من شأن هذا الأدب؟
لا نَستَطيع بأية حال في هذه الورقة، أن نُلم بكلِّ الأسباب التي جَعَلت هذا الأدب لا يَحْظَى بما يحظى به قرينه الفرنسي أو الإنجليزي من احتفاء وتكريم؛ بحيث فُتِحت له أبوابُ الجامعات، وباتتْ نماذجُه العُليا محاورَ المحاضرات والرسائل الجامعية.
وهُنا.. سنكتفي بظواهر ثلاث قد تُفسِّر إعراضَ الساحة الأدبية عن الاهتمام بهذا الأدب.
الظاهرة الأولى: انصراف نُقَّادنا عن قراءة هذا الأدب وتقييمه.
جليٌّ أنَّ نُقَّادَنا تنكبوا عن هذا الأدب فلم يُولوه عنايتهم. كأنَّ هذا الضرب من الكتابة لم يتمكَّن بعد من اختراق قلعة الأدب الحصينة التي تحرسها التقاليد والنقاد والأكاديميون، كأنَّه لم يتمكن بعد من اكتساب شرعيته؛ فظل بسبب كل ذلك مجرد هامش يتوقاه النقاد: ترفُّعاً، أو تعفُّفاً، أو بحثاً عن سلامةٍ موهُومة.
… هَكَذا يتصدَّى الدَّارس لهذا الأدب، وليس أمامه مثلٌ يحتذيه، أو دراسة يستدل بها، باستثناء بعض الإشارات السريعة التي جاءت في تضاعيف بعض الكتب، دون أن تشَكِّلَ موقفا نقديًّا مُتَكامِلا.
الظاهرة الثانية: انصراف كُتَّابنا الكِبار عن الكتابة للأطفال
- نحن نعتقدُ أنَّ أدبَ الأطفال يحتاج ككل أدب إلى “لوثة الإبداع”: حتى يأتي على غير مثال، بل ربما كان هذا الأدب أشق على الكاتب من ”الأدب الرصين”؛ لأنه من الأدب الذي لا يخاطب أفق انتظار جاهز، سابق عليه في الوجود، وإنما الكاتب هو الذي يصُوغ هذا الأفق، يصنعه بصبر وأناة.
هذا الأدبُ بحاجة لمبدعين كبار يُدركون أسرارَ كتابته، ويعرفون مآزقها ومضايقها على حدِّ عبارة البحتري غير أن الذي نلحظه في ثقافتنا العربية أن الكثير ممن يكتبون للأطفال لا يملكون موهبة الكتابة، بل هم ينتسبون في أكثر الأحيان إلى مجالات أخرى؛ منها: التعليم أو التربية.
إنَّ انسحاب المُبدعين الكبار أفسَح المجال لرجال دُوْن المَوْهِبة ليكتبوا للأطفال أعمالا مُتهَافِتة تنطوي -في الأغلب الأعم- على مَوَاعظ أخلاقية، علاقتها بطبيعة الأدب واهية.. أو تكاد.
الظاهرة الثالثة: اقتصار عدد كبير من الأعمال الطفلية على الاستنساخ والاقتباس
هذه الظاهرة من أكثر الظواهر شيوعًا في قصص الأطفال؛ فقد اكتفى عدد من كُتَّابِنا باستعادةِ نُصُوص التراث دُوْن تغييرٍ أو تحوير أو تطوير، وربما مَهَرُوها بأسمائهم، ونسبوها إلى أنفسهم، والحال أنهم اقتصروا على نقلها فلم يُحدثوا فيها صفة أو يكسبوها فضيلة.
إنَّ هؤلاء الكتابَ -وهم يستنسخون هذه النصوص- إنما يحولون فعل الكتابة إلى فعلٍ أجوفَ، خالٍ من كل معنى. لكنَّ الكثير من كُتَّابِنا استسْهَلوا فعل الكتابة، فعمدوا إلى التراث، يختارون بعضَ نماذجه، وينقلونها إلى الأطفال دون إضافة تُذْكَر.
… هذه الظواهر الثلاثة قد تُفسِّر إعراضَ السَّاحة الأدبية عن الاهتمام بهذا الأدب، وتسوِّغ تهوين البعض من قيمته: الأدبية، والجمالية، والفكرية.
2,493 total views, 20 views today