أحداث العنف الدموي على الساحة الغربية .. هل هو تعبير عن استيقاظ للهوية الدينية او مؤامرة عليها
المهندس أمير الصالح
الجميع يعلم مَدَى حساسية العنوان؛ كون الموضوع ذا تعقيدات ومُداخلات مُتعدِّدة، ولا تزال له مُتغيِّرات في المعطيات والنتائج، ولكون الأحداث كذلك مازالت تتدحرج؛ فقد يكون المقال مُحاولة جزئية لفهم الواقع، وتشخيص الأعراض للحالة، ووصف كمَّادة للتخفيف من الاحتقان الذي أصاب العلاقات البشرية-البشرية. وببساطة، المقال هو تأمل شخصي يسلط الضوء على تصدُّعات صراخ استرداد الهوية لدى البعض، وإفرازات التشبُّث بإبراز الصوت للبعض الآخر، وأثر ذلك على بعض أبناء التجمُّعات المهاجرة من الدول الإسلامية إلى الغرب الأوروبي والشمال الأمريكي.
الرصدُ من أرض الواقع من خلال زيارات ميدانية لأوروبا وأمريكا وكندا، على مدى عدة سنوات، هو الركيزة الأساسية لتغذية التحليل واستشراف الحلول. وسأحاول أن أُسجِّل مُلاحظاتي بالقدر الذي اتَّسع أفقي ووقتي لرصدها وفهمها من أرض الواقع، ومُستعينًا ببعض السجلات والأخبار المتناثرة هنا أو هناك من بعض الوثائقيات المتلفزة لبعض الأحداث ذات الصلة.
باستعراض الاستطراد في عمليات التحريض والتحريض المضاد بين مكونات المجتمعات الحاضنة والأقليات المهاجرة إلى الغرب الأوروبي والشمال الأمريكي، نُسجِّل زيادة نسبية في تصاعد الخطاب التحريضي الاصطدامي لأبناء بعض الحضارات، وفي الخطاب الطائفي والعنصري بين المكونات المشحونة إعلاميًّا. طبعا هذا الزعم لا يحتاج إلى الاستدلال؛ لأنه مُسجَّل ومُوثَّق في نشرات الأخبار العالمية اليومية وأشرطة الوثائقيات التحقيقية (investigative reports)، والمُحمَّل بعضها على قنوات “يوتيوب” ذات المصداقية، أو أرشيف القنوات التليفزيونية المرموقة ذاتها.
معظم مراكز الإعلام العالمية المرموقة -والتي تطلق بعضها وثائقيات تحقيقية ذات مهنية عالية- تركز في تحليلها -وهنا على ضوء الحوادث الإرهابية الأخيرة المميتة بباريس ولندن وأستوكهولم ومدريد وبروكسل وضواحي سان فرانسيسكو- على منابع وأيديولوجيات الجاني/الجناة المنفذين لتلكم الأعمال التخريبية أو الإرهابية، وأسلوب مواجهتهم أو توظيف توجهاتهم.
ومن المعلوم أنَّ الحركات المصنفة بالإرهاب في منطقة الشرق الأوسط تُصنف بأنها حركات مُؤدلجة، وتُنسب إلى ارتباطها بالإسلام ذي النسخة والتفسيرات الإقصائية المتطرفة. الحركات المتطرفة في الشرق الأوسط -والتي تضرب بعنف، وبلا هوادة، كلَّ أطياف المجتمعات بمن فيهم المسلمون- ازدهر نشاطها بشكل هدَّد السلم الاجتماعي في أكثر من قارة ولا يزال يُهدِّد. كذلك هؤلاء المتطرفون لا يتورَّعون عن الهجوم قتلًا وتفجيرًا بمن يخالفهم في السلوك والتوجُّه فضلا عن المُعتقد، حتى امتدَّ نشاطهم إلى عدة دول وعدة قارات.
ولعلَّ ذاكرة الغرب ما زالت حية بأحداث 11 سبتمبر 2011 بنيويورك، و7 يوليو 2005 بلندن، و11 ديسمبر بأستوكهولم، وأحداث 13 نوفمبر 2015 بباريس، وحديثا بأحداث مطار بروكسل، مع تصاعد الخوف وانتشار ما يُعرف بـ”الإسلاموفوبيا” في ظل الأحداث التي وقعت على أراضي أوروبا وأمريكا.
وعند البحث عن بعض الدوافع التي تبرر فيها بيئة استقطاب الشباب العربي أو المسلم الناشئ في بلاد الغرب للانتماء إلى حركات التطرُّف الديني، نرى أنَّها تتقاطع في أكثر من سبب مع نفس العوامل التي ينهض بها المقدم على الانتحار الذاتي (self suicide)، باستثناء اختلاف صبغة الغطاء التبريري للإرهابي الانتحاري؛ كونها من منطق أيديولوجي مُغلف بغلاف ديني للمقدم على تفجير ذاته لقتل الآخرين المسالمين الآمنين المدنيين.
نسردُ هُنا بعضَ العوامل التي يستغلها المجندون والساعون لتوظيف واستقطاب أبناء المهاجرين لإلحاقهم بالحركات المتطرفة العنيفة:
عوامل داخلية متعلقة بذات الشخص: الشعور بالظلم أو الغضب أو البطالة أو الإحباط أو ضياع الهوية أو عدم المتابعة من قبل الأهل بسبب كثرة النسل أو الانشغال بمُتع الحياة أو السعي وراء الرزق من قبل الوالدين.
عوامل خارجية محيطة: حروب الشرق الأوسط القديمة-الجديدة، الصراع العربي-الإسرائيلي، هدر حقوق وكرامة الإنسان في الوطن الأم، عدم تكافؤ الفرص أو العدالة في توزيع الثروات في الوطن الجديد والقديم، الحروب المستمرة وامتدادها على مساحات أكبر، ترهل الوضع الاقتصادي العالمي، وأخيراً الإعلام الأصفر غير المسؤول اجتماعيًّا والمتعرض لعقائد الآخرين بالسخرية والازدراء.
ما سجَّلتُه، كملاحظ، أنَّ اختلاجات نفسية تجدد روح طلب التوبة أو تصحيح المسار بسبب الفراق الروحي لبعض أبناء الجالية الإسلامية خلال شهر رمضان المبارك وشهر ذي الحجة. في ظل الروحانيات الخاصة بشهر ذي الحجة وشهر رمضان، حيث تزداد وتيرة الانبعاث لشعور عميق بتأنيب الضمير لدى البعض نتيجة لتناقض الإيمان القلبي لبعض المهاجرين ذوي الخلفية الدينية بالممارسة اليومية في الأعمال التي يتورطون فيها للحصول على الرزق، أو لسد الحاجة للقمة العيش، أو لاستغلال أبناء البلاد الأصليين لهم في الترويج للمخدرات أو التورط المباشر بالدعارة أو إعادة بيع المسروقات. فبالنسبة للمسلمين كافة، امتزجت صورة بيع النبيذ والاضطرار لبيعه أو تقديمه للزبائن لكون العامل المسلم يعمل في قطاع الخدمات الفندقية، أو المطاعم، لا يُسقط شعورَ تأنيب الضمير لدى ذاك الشخص. وكذلك اصطدام البعض بهامش الحرية في المجالات الجنسية والشذوذ والتعاطي بالمخدرات، والتورط بالانزلاق فيها من قبل بعض المسلمين بسبب قوة التيارات المنادية بها داخل تلك الدول وإقرارها قانونيا هنالك، وهذا أيضا لا يعني خَنْق الصراع الداخلي بالإنسان المبتلى بين النفس اللوامة والنفس الأمَّارة بالسوء. قد يكتفي البعض ممن توَّرطوا بما يخالف معتقداتهم، قد يكتفي التائب بالتوبة القلبية (confession) كالإقرار بالذنب والعزم على عدم العودة له، مثلما تُقر به الديانة المسلمة والمسيحية.
إلا أنَّ البعض من التائبين يُختطف أثناء عروجه لطريق التوبة من قبل فكر متشنج وإقصائي وتكفيري، فيُشحن ذاك التائب ويصبح متطرفا أيديولوجيا؛ فبدلًا من أن يستأنف التائب حياته في تصحيح مسارها ونتيجة رهن إرادته لمن اختطفه، يُبرمج التائب إلى مُنتقم للانتقام من كل المحيطين به ولتحطيم مستقبله ومستقبل الآخرين؛ لوجود تبريرات ومسوغات دينية أو أيديولوجية متطرفة تتوافق مع تبريرات المنتقم بأساليب العنف ضد المجتمع الحاضن له (1).
واستثمر من خلال مراكز العبادة كالمساجد، بعضُ الناس الذين يزعمون بأنهم من رواد الخطاب الديني -وخطاب ذاك البعض خطاب موجَّه ومشحون ومُتطرِّف بسبب تلك العوامل آنفة الذكر- ويسعى ذاك البعض من الخطباء لاستقطاب بعض أبناء الجيل الثالث والرابع من بعض المهاجرين المسلمين والعرب، وإعادة توجيه بعض الشباب للانخراط في عدة حركات متشددة انفصالية مُتطرفة، تنتقم لهم من واقعهم المحبط والميؤوس منه كما يراه أو يعيشه هؤلاء الشباب!
لعلِّي لن أشط كثيرا عن الموضوع لو أني سردتُ مواقفَ رأيتها وسجَّلتها بأم عيني تدعيما لنظرية التأزم النفسي من أجل الحصول على القوت اليومي من قبل أبناء المهاجرين، أو نكران حسنات المحيط الحاضن.
قصة (1)
تتحوَّل المناطق المحيطة بالباستيل في العاصمة الفرنسية إلى شبه ماخور ليلي كبير ومفتوح حول المطاعم الموجودة بتلك المنطقة، ولو تعمَّقت أخي القارئ في المشي قليلا بجنبات المطاعم تلك لرأيت وسجَّلت بيع المخدرات والأفيون شبه العلني. ولو دققت أكثر لسجَّلت تورط أبناء المهاجرين من بعض دول الشمال الإفريقي في البيع بالتجزئة. وهذا ما سجلته بأم عيني ! فلك أن تُصدق أو أن تذهب بنفسك لتتحقق!
قصة (2)
يعترضُك وأنت مُتجه في صباح شهر رمضان المبارك من محطة القطار المركزية بأمستردام الهولندية نحو مركز المدينة، بعض سماسرة المنطقة الحمراء وصائدي مُستهلكي الغرائز، بعد تفرسُّهم بك من بُعد، وتشخيصهم إياك بأنَّك سائح أجنبي؛ ليعرضوا عليك خدماتهم من كل ألوان العروض الشيطانية المبتذلة؛ طبعا لغة التواصل هي اللغة الإنجليزية في العروض مبدئيا. وما يُؤسَف له هو وعند إعراضك عن خدمات أيٍّ منهم، يُبادرك بالسؤال باللغة العربية بعد اطمئنانه أنك غريب، واستقرائه من خلال الملامح واللكنة عن موطنك، بادرني بالقول: أأنت صائم؟! ويسترسل بالكلام: أنخلوك بعد الإفطار، ونحن نخدموك. ويمد يده بكل جرأة بكارت به رقم تلفونه واسمه، ويمضي نحو زبون آخر، مُلوِّحا بيده: لا تنسى، نحن بخدمتك!
قصة (3)
على امتداد الشارع الذي يُوجد به مسجد الإحسان بمدينة لاهاي، اعترضني رجلان وطفل لم يبلغ الحلم، وبعد تبادل السلام، ومن دون سابق معرفة، عرضا عليَّ الدعوة إلى الله. فقلت لهما: إني مُسلم والحمد لله. فقالا: إذا، تعال معنا ندعو الآخرين للإسلام. فقلت لهما: رجاءً انتقوا ألفاظًا جاذبة وجذَّابة، وادعوا إلى سبيل ربكم بالتي هي أحسن. وقلت لهما: أفضل أساليب الدعوة هو السلوك وليس الكلام الفارغ ولا إعطاء كتاب. فقالا لي: أتأتي معنا الآن؟! فرددت عليهما: لديَّ أعمالي، وانصرفت عنهما. مُتسائلا كيف يسترزقان إذا ما كان هذا هو نشاطهم اليومي، ولاحقًا اكتشفتُ من أين يحصلون على رزقهم.. إنها معونة!!
قصة (4)
بوَسَط مدينة لاهاي الهولندية، بعد نهاية دوام يوم الجمعة، كنتُ أتجول بوسط المدينة، ودخلتُ مطعما إيطاليا راقيا بهدف تناول قرص بيتزا مارجريتا سدًّا للجوع. بعد جلوسي على المقعد، وتقديم أحد النادلات قائمة الطعام، حضر بعد عدة دقائق نادل عربي في عُمر الخمسة والخمسين سنة، يتَّسم بالرزانة واللباقة وحسن التحدُّث والهندام الجميل، وكانت بيده قارورة كبيرة معمولة بشكل خاص ومملوءة بالنبيذ، وفورًا سكب ذاك السائل في كأس ووضع ذلك الكأس المملوء على طاولتي، وخاطبني باللغة الهولندية: ماذا تود أن تأكل الليلة؟
فرددتُ عليه باللغة الإنجليزية بلكنة
عربية بأني لا أشرب المشروب الذي وضعه، وطلبت منه إزالة الكأس من على الطاولة؛ فبادرني بالقول بلسان عربي: وفقك الله وثبَّت إيمانك، السموحة يا خوية، نحنا نعمل هنايا، وهذا إتيكيت المطعم، ثم صَمَت النادل قليلًا وقال مردفًا: “لقمة العيش.. الشغل هنايا يا خويا صعيبة”. فبادرته بالقول: الله يرزقك من واسع رزقه، ويسخر لك مكانا أفضل من هذا المكان. لاحقًا كان النادل يختلس الوقت بين خدمة الزبائن الآخرين ليعرج على طاولتي للحديث معي بالعربية، وصرح عن أمنيته بالذهاب للحج، وعن أمله ودعائه بأن الله يرزقه مكانا أفضل بعيدا عن المشروبات الحرام.
قصة (5)
على ضفاف مياه المحيط الأطلنطي بنهاية طرف منطقة شاطئ كوباكبا كانا (copacabacana) بمدينة ساو باولو البرازيلية، عرجت على مقهى يفترش بعض المناضد على أرصفة الشاطئ, لتناول كوب من القهوة المسماة “كابتشينو”. كان صدفةً النادل الذي جلب القهوة عربيا من شمال إفريقيا. وبعد تناول الحديث, عَبَّر النادل عن أمنيته بالعمل في دول الخليج، وبالخصوص المملكة وتحديدا مدينة مكة المكرمة. بادرته بالسؤال عن مؤهلاته، فقال النادل: لديَّ دبلوم خدمة فنادق، ودبلوم خلط النبيذ، وخبرة عمل في بعض بارات باريس وساو باولو!
فسألته مُتعجبًا كل خبرتك في النبيذ والبارات، كيف لك أن تفكر بمكة المكرمة. فقال: زهقنا من الحرام ونبغى نتوب ونتطهر.
بتمحيص النظر لجزئية الإحباط لدى بعض المهاجرين، نجد أنه الفشل المركب في إيجاد مكانة اجتماعية أو قيمة ذاتية في المجتمع المهاجر القائم من جهة، ونتيجة عدم اقتناص الفرص المناسبة الوظيفية في سوق العمل. هذه العوامل وغيرها قد تؤدي إلى اضمحلال الاندماج للأجيال الصاعدة من أبناء المهاجرين، وضعف الثقافة الدينية التسامحية في إيجاد تربة خصبة لاختطاف الأدمغة؛ وبالتالي تفريخ أفكار ذات شطط كثيرة؛ من ضمنها: الإرهاب.
كما أنَّ هناك عدة عوامل نفسية ومالية واجتماعية تقود أبناء الجيل الثالث والرابع من أبناء المهاجرين إلى اللجوء للخطاب الديني المتزمت المتشدد المتطرف، بدءا من بحثهم عن تحقيق مطالبات وانتهاءً بتبرير ممارسة وسائل العنف واستنطاق هوية.
وفي ظل وجود بعض الأيديولوجيات داخل بعض المدارس المذهبية الإسلامية، تبرِّر استخدام العنف ضد الآخر تحت عناوين مختلفة كوصف الآخر بالكفر أو الزندقة وأخواتها من الصفات والنعوت المشينة والمذلة، نجد تمدُّد ورواج لتبرير أساليب الإرهاب والعنف بمسوغات دينية! طبعا هناك عوامل أخرى لسنا بصدد عرضها هنا.
ومن جميل ما عاشه الجيل الأول من المهاجرين هو إعطاؤهم الفرص الوظيفية وتهيئة العوامل المالية والمعيشية الكريمة، وأيضا الضمان القانوني بتأكيد حق الهُوية للمهاجر المسلم الأول. المهاجرون في الأصل مهاجرون اقتصاديون وليسوا دعاة أيديولوجيين أو لصوصا أو انتحاريين؛ والمهاجرون لاحقا أكثريتهم هاجروا طلبا للأمن وهروبا من العنف والإرهاب في مواطنهم الأصلية.
وفي أوروبا وشمال أمريكا، ومع تقادم السنين وتطوُّر الأحداث السياسية والاجتماعية، وتكاثر المسلمين عددا، وتصاعد روح التشدُّد لدى الأحزاب اليمينية في التعاطي مع بعض أوجه مفاهيم الحياة لأبناء المهاجرين المسلمين، تلاشتْ فرص العمل واندحرتْ فكرة تكافؤ الفرص إلى حدٍّ ما، وبذلك تهيَّأت الأمور إلى الانشقاق نسبيًّا في الجيلين الثالث والرابع مع المحيط، وانسداد لغة الحوار بينها وبعض المكونات الاجتماعية. والإعلام المتحرِّر -وغير المسؤول في بعض جوانبه- سلَّط الضوء أكثر ليتكسب من خلال البنرات والمانشيتات البراقة ورسوم الكاريكتير والتي تُعمِّق المشاكل بين الجدد من المهاجرين وأبناء المهاجرين القدماء من جهة، وأهل البلاد من الجهة الأخرى.
وفي تجوُّل أي شخص بعين الباحث في بعض بقع أوروبا الغربية، يُمكنه أن يرصد مناطق مظاهر الفقر في أوساط المهاجرين وزيادة نسبة البطالة مثل: مرسيليا/ بعض ضواحي مدينة لاهاي/ بيزييه الفرنسية/ بعض ضواحي العاصمة الفرنسية، باريس/…. إلخ، فإنك ترصد أيضا البطالة وأمورا أخرى.
تَدقَّق النظر في مكونات اللاجئين، فإنك ترصد جنسيات المهاجرين في أوروبا؛ أغلبهم: البوسنيون والتونسيون والجزائريون والأتراك والمغاربة والصوماليون، وحديثا العراقيون والسوريون والليبيون من ذوي الأصول الإسلامية مُعتقدا. طبعا هناك مُهاجرون من أمريكا اللاتينية ووسط إفريقيا وشرق آسيا، ولكنهم ليسوا معنيين بمقالنا هذا.
ما يشدُّ انتباهك هو تعايش سلمي لأكثر من مليوني تركي جنباً إلى جنب مع مليون كردي بألمانيا الاتحادية، ولا يُسجَّل أي صدام أو تصادم؛ وذلك بفضل قوة فرض القانون.
بينما في عاصمة عربية، يطل الناطق الرسمي باسم وزارة معنية بالأمن ليتحدَّث عن بطولات وزارته بتخفيض معدل الاعتداءات المسجلة ضد مواطنيه من قبل مواطنيه بمعدل الثُمن في خلال ربع سنة!
أمام هذه الأزمات الواقعة في أجيال المهاجرين، يتساءل المتأمل: ما هي الحلول والمخارج من هذا الواقع المؤلم؟!
تنعقدُ بشكل دوري مُجدول -وبشكل مستعجل بين الفينة والأخرى- اجتماعات في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، وعلى مستويات متعددة من المناصب الوزارية ورؤساء الوزراء لتسليط الضوء على حلول أو معالجات لتلكم النقاط التي تأزِّم الوضع وتهدد الأمن الاجتماعي في الداخل الأوروبي. لقد صرف الاتحاد الأوروبي أموالًا كثيرة جدًّا، ودفع تسهيلات مالية لحكومات جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط –كليبيا، ومصر، وتونس- وكذلك بجهود استخباراتية، ودفع بتفاهمات سياسية وتسهيلات مرور امتيازية وأموال لتركيا لصد نزوح المهاجرين. والحقيقة المسجلة هي أنَّ الاتحاد الأوروبي لم ينجح كليًّا في صدِّ الموجات البشرية من تدفق المهاجرين ولا بإلغاء مخاطر التهديدات الإرهابية على أراضيه.
وكذلك لم تنجح جهود متعددة من جهات عدة في انتشال الإنسانية من خطر تمدد الإرهاب والعنف. البعضُ يتهم المسؤولين في الدول المعنية بأنها تعالج المظاهر وليس المرض من الجذور؛ والبعض الآخر ينادي بوجوب تصدير نظام الديمقراطية للدول التي لديها فقر في الديمقراطية، والبعض الآخر يُطالب بإلغاء دخول المسلمين إلى أرض بلاده أو نفي الأقليات من بلاده !
وفي هذا الخضم من النقاش المتكرر والطويل المدى والمتشابك المتغيرات، يطلُّ علينا تقرير صحفي حديث الصدور من إذاعة (cbc) الإخبارية الكندية، عن استفتاء ميداني عن واقع المهاجرين المسلمين في كندا. لطفا الرجوع إلى التقرير المرفق بالرابط رقم (4). والتقرير يحتوي على أرقام إيجابية مُذهلة، تقودنا إلى التساؤل عن الآليات المطبقة في تلك البلاد، وعن الجو الاجتماعي والسياسي العام الذي يحتضن المهاجرين والنجاح الذي أحرزوه. وهذا التساؤل يقودنا إلى نقاش مدى اتساع نطاق التسامح في كلا الطرفين المهاجرين وأهل البلاد (5) وعن تكافؤ الفرص واستنساخ قصص النجاح للمهاجرين الجدد.
وشخصيًّا.. أعتقد -ولإيجاد بعض الحلول من هذا الواقع الأليم- بوجوب إعطاء الإنسان كامل حقوقه، وحفظ كرامته، وتمكين حريته، وإلزامه بواجباته، وحفظ حق انتمائه الديني والروحي وتسهيل حصوله على قوت يومه، وتجريم المحرِّضين على الكراهية. وعلى مُستوى المعمورة، أعتقد أنَّ السعي الجاد للحد من ظاهرة الهجرة بسبب العنف يتم من خلال تطوير آليات فرض قانون حماية الإنسان في كل بقاع الدنيا، ومحاربة ازدراء الأديان والمذاهب، ومعاقبة عادلة للمحرضين على الكراهية فكريًّا، أو الداعين لانتهاك حقوق الأكثرية أو الأقليات تحت أي عنوان.
————————————-
ملحوظة:
١-المراجع الحقت لتوثيق وليس ذلك يعني بأي وجهه بان الكاتب يؤمن بصحة كل ماورد بها
مراجع البحث:
٢- ماورد من تحليل عن الاعتقاد بان هنالك اختطاف في المفاهيم الدينية وعلى صعيد مجاميع ضمن اتباع المذاهب و الاديان كافة .
١- الهوية القاتلة لامين معيوف ط ١٩٩٩
https://docs.google.com/file/d/0B4tdKbWs3AxXaG54eldUT09wRl
E/edit
٢- I Am immigrant / Ireland
https://www.youtube.com/watch?v=YQTPF_HLxIM
٣- Europe; Muslim Community
٤- Latest survey for Muslim in Canada , April 2016:
http://youtu.be/icdhA6ocgqc
٥- TED Radio Hour , Beyond Tolerance
http://rssr.link/wV5
6,147 total views, 8 views today
Hits: 289