ميمونة محمد البلوشي
كاتبة عمانية


نتشر فيروس كرونا على نطاق واسع آسرا الدول تحت مظلة العدوى السريعة كخلايا سرطانية تنهش الجسد العالمي.

والجميع يختبأ بين لهيب الوحدة خائفا مترقبا؛ ينتظر أخبار أرقام المصابين وعدد الموتى، ومتتبعا النصائح حول طرق تفادي الإصابة بالمرض والتحذيرات المتجددة حول الحجر المنزلي والحظر الاقليمي وكيفية التغلب على مشاعر القلق والخوف، مقتنصا مفاهيم التفكير الايجابي التي يشدد عليها الكتاب والمثقفين والمفكرين  في الوقت الراهن. ورغم كل هذا لا تزال صراعات النفس لاتتوانى في زرع بذرة القلق وبثها في المشاعر التي خلقت بكيفية لايمكنها تجاهل مايدور حولها من واقع مأزوم.

قد يكون البعض منا استطاع أن يتكيف مع هذا الوضع من خلال تلك الثقافة الايجابية ومحاولة صنع النجاح من قلب المصيبة متجاهلا كل مايدور حوله منشغلا بفكره في قالب أحلاما وجدت ضالتها ومساحة من الفراغ كان ينتظرها دهرا. الا أن الكثير منا ومع كل انواع المحاولات في التخلص من واقع يفرض عليه العيش في قوقعة الحذر تزيد حدة صراعه بسبب تأزم اقتصاده فهناك من فقد عمله في ظل هذه الظروف وهناك من قلص راتبه وهناك من هو معتمد على اجارات المحلات والعقارات التي يمتلكها وهناك من فسدت تجارته وخسر البيع وعاش في دوامة من الاكتئاب الذي لايسيتطيع الخروج منه مهما وجه تفكيره نحو موجة من الايجابيات.

القلق هو الشعور بالتوتر حيال الأمور التي تحدث حولنا أو توشك على الحدوث. قد تكون هناك زاوية أوسع  لابد أن ننظر لها فالقلق مع تفشي فيروس كرونا يترافق بحالة عامة من عدم اليقين، ومن الطبيعي أن يُصاب الناس بالقلق من إمكانية تشخيص اصابتهم بالفايروس، إلى جانب القلق من إصابة أحد الأشخاص المقربين بالعدوى، والقلق من تعرض النفس أو المقربين للعزلة الاجتماعية أو الحجر الصحي بالاخص كبار السن والاطفال وممن يعانون من الامراض المزمنه.

وهناك فئة قد لايخلو منها كل بيت ليست قادرة على تشرب مفاهيم توخي الحذر؛ كمراهق يظن نفسه قويا قادرا على اتخاذ قراره بنفسه فيخرج مع مجموعة من اصداقائه قاصدا جمعة تنتشي بها نفسه وعندما تشتد حدة النقاش معه يؤكد بأن جميع أصدقائه ملتزمون بالطرق الوقائية جهلا منه، وهناك نموذج أخر من رجال في العقد الخامس من العمر ويدللون عدم التزامهم  بقوله تعالى(قل لن يصيبنا الا كتب الله لنا)

فتتسول النفوس الرحمة منهم وتتضرع الى الله أن يحمي أهل المنزل من أصحاب العقول الطائشة، وتتجرع مزيجا من القلق والغضب معا فقد حرمت نفسها من الخروج خوفا من كوفيد١٩ ثم بتهور وعدم مسوؤلية من أحدهم يتلوث محيط ذلك المنزل.

فمن حق كل هؤلاء ان يشعروا بالالم ولايحرمون أنفسهم من الشعور بالحزن والاكتئاب وليس لنا الحق أن نصفهم بالمتشائمين والمحبطين بل يجب أن نسعى خلف ذلك الحزن لتخفيف من وطئته من خلال المعونات التي نقدمها لهم ولأسرهم عوضا عن كلمات تطوير الذات فالاكتئاب في زمن كرونا له شأنه الخاص الذي لا نستطع استئصال بذرته من القلوب قبل أن يستأصل من رحم الحياة. كي لانخلف بعده أجيالا مصابه بعقد واضطراب المرض.

 2,972 total views,  2 views today

Hits: 99