النصُّ القصصي العُماني القصير.. ثوابت ومتغيِّرات
عبدالله الشعيبي
مدخل
تُشكِّل القصَّة -بشكلها العام- مَدْخَلا يتدرَّج من تَفَاصيل التفاصيل، انتهاءً بالمشاهِد العامَّة المشفوعة بخارطة لُغَوية سردية، مُشبَّعة بمناخات تجمع بين عناصر مُعقَّدة، تهدف لإنبات الدَّهشة والأسئلة وفلسفة الوجود، مُرتهنة لعوالم داخلية ذاتية، أو عوالم خارجية منقولة عبر المشاهَدة أو الرِّواية الشفهيَّة عبر راوٍ وسيط؛ لتصل في المُجْمَل إلى تعزيز مناخ المخيلة، ودورها الجمالي في إثراء القص وتجربته السردية المقروءة في المقام الأول.
هَذِه المُشَاركة ستحاول تناول “النص القصصي العُماني القصير” وليس “القصة”؛ من خلال الخلخلة التي حصلت لثوابت “القصة” مُتحوِّلة إلى “النص”، مع لفت النظر إلى أنَّ هذه “الخلخلة” تحملُ سمات ومُؤشِّرات إيجابية جدًّا، يُمكنها أن تصنع فارقا في فهم بنية القص التي تحصل الآن في القرن الحادي والعشرين، وفي ظلِّ وجود تحولات جذرية في التعامل مع المكتوب ذاته: من الورقي إلى الإلكتروني التفاعلي، ومن العابر إلى المكتظ بالفلسفة والدلالات، ومن المقيَّد بأغراض رسالية مُحدَّدة إلى المتشظِّي والمتَّسع والشمولي والأعمق.. هذا باعتبارنا نُقارب المكتوبَ النصيَّ القصصيَّ في السلطنة.
بَيْن القصة والنص
مَألُوفٌ فِي القصَّة -بعيداً عن التعريفات اللغوية والاصطلاحية- أنَّها تتألف من مُقدِّمة وعُقدة وخاتمة، بينما النصُّ هو خليطٌ يُمكنه أن يفتح آفاقا مُختلفة أثناء الكتابة وخلال ممارسة القراءة بعد الانتهاء من الكتابة من جانب المتلقي. ولهذا الاعتبار، فإنَّ المألوف هو السَّائد عندما يطرح المكتوب ذاته على أنه قصة قصيرة -وربما صار من المناخ البصري للوهلة الأولى أنه يسهل تحديد الماهية من واقع الأركان الثلاثة- لكن قليلا من التبصُّر والتأمُّل، يجعلنا نُعيد النظر في كَوْنه قصة أمينة على سياقاتها الأركانية، أو أنها اختارتْ نَسَقا مُختلفا لم تكن السياقات الثلاثة سوى تمويه بصري، ويتبدَّى ذلك من واقع القراءة المختلفة للنصوص؛ باعتبار زوايا النظر ومستوى المعرفة الذاتية للمتلقي.
رُبَّما كَانَ مِن المجْدِي طَرْح أسئلة مُغايرة في القراءات الملتزمة نقديًّا بمثل هذه النصوص؛ لتفتيت البنية التقنية لها، والخروج من مألوف التفسير والشرح للمواقف الحدثية، والانتقال نحو ما يستكن خلف النص ذاته، والتماهي مع خياراته الخاصة واستقلاليته التي تجعله خارج نمط مألوف القصة، ومنحازا نحو مكتوب تشي تقنيته وآليته بأنه نص منفتح، وليس منغلقا على تقنية القص. غِيَابُ هَذَا الاشتغالِ النقديِّ جعل الساحة -وتحديدا على مستوى المجموعات القصصية- تبني أفقا عاديا لمناخ القصة، بينما هناك ما يتجاوزها، ولا نتكلم هنا عن مصادرة الذائقة، بل عن أسئلة النقد؛ فهذا الأخير تحفِّزه الاختلافات، بينما التلقي العادي يميل إلى ما جبلت الذات ذائقتها عليه.
لَنْ أدَّعِي هُنا أنني أطرح أسئلة النقد، بل سأكرِّس مقاربات المتلقي المختلف، الذي أجده مُهمًّا في التشكيك بالجدوى الكلاسيكية النقدية في تقييمها للمكتوب قصصيًّا ونصيًّا؛ من واقع أنَّ ما يريده المتلقي مُرتبط بزمنه وبالمعرفة التي يستقيها منه، ويعول على وعيه الخاص من خلالها، وإن كان يفعل ذلك في صمت.
تَدَاخل الأجناس
خَرَج المكتُوبُ الذي يَضَع خارطة الحدث عن مألوف القص إلى النص. وهنا، ينبغي الالتفات إلى الإشارات والعلامات التي يحملها كلا النمطين؛ حتى يسهل الفارق؛ ففي الوقت الذي تكون فيه القصة القصيرة أمينة على الأحداث سبكا وصياغة وتسلسلا، يتحرر النص من ذلك؛ من خلال إدخال تقنيات سردية بخفاء تام لا يشعر معها المتلقي بتلك التضمينات؛ وبالتالي يعيش “وهم القصة”، بينما هو يعيش “حقيقة مختلفة”، وهذا ليس مُتجذِّرا في غالب النصوص القصصية التي تحويها دفَّات المجموعات الكثيرة، بل هي منزرعة في مصادر نشرية أخرى، وهذه المصادر مهملة تماما، وإذا وجدنا مجموعات تفصح عن ذلك فهي قليلة، ولكن النقد لم يقاربها، وهذا خَلَق مأزقا أفقدنا التوازي مع النصوص المختلفة؛ فذابت في ”وهم القصة القصيرة”، بينما هي تتجاوزها -جماليا وتقنيا- بمراحل كثيرة.
القِصَّة القَصِيْرة عندما تحوَّلت إلى نصٍّ صارت قادرة على التعامل مع العديد من الأجناس الأدبية التي تُعتبر مستقلة، لكنها قابلة لأنْ تكون جزءا من نصٍّ في حال تم توظيفها بشكل جيد.
حمود سعود
السِّيرَة الذاتيَّة/الغيريَّة من هذه الأجناس التي أشرنا إليها، ويُمكن اعتبار الكاتب حمود سعود أحد الكتاب العُمانيين الذين يَدْمِجون في كتابتهم السردية -التي تتخذ شكل القصة في جوهر وظيفتها- يدمجون بين السيرتين الذاتية والغيرية والمذكرات وما يشبه اليوميات، وهذا يتضح في كتبه الثلاثة التي أصدرها، ولكن يمكنني التوقف عند إصداره الأخير “غراب البنك ورائحة روي”، الذي صَدَر عن دار “سؤال” في العام 2017م، بعدد من الصفحات يصل إلى 72 صفحة من القطع المتوسط، والتوقُّف تحديدا عند النص الذي يحمل عنوان المجموعة (ص:9).
إِذَا اعْتَبَرنا أنَّ اللغة هي أساسُ التكنيك الكتابي، فإنَّ الكاتب يَبْدأ نصه بصِيْغَة المتكلم الذي يفترض مُخاطبا أمامه “هل أنت قلق؟”، ليترك الإجابة ليست أكثر من سطر منقط مفتوح، ثم يكرر الاستفهام مرة أخرى بصيغة مُختلفة، وبالتقنية الخطابية ذاتها: “ما الذي يوترك هكذا؟”، ولأنَّ البداية تفترضُ جُملة إنشائية ذات دلالة إنسانية تسعى لانتشال الصامت، فإنَّ خطاب المتكلم في “علينا” ينقل مستوى اللغة إلى تبنِّي الرؤية والموقف؛ ليتم إدخال النص ضمنيًّا بعينيْن مختلفتيْن، ولسان مُختلف، وهو لسان الصامت؛ من خلال تبنِّي السيرة الذاتية للغير (المخاطب)، واعتبارها سيرة لـ”الذات” السَّاردة؛ ليتحول النصُّ معها من سرد عابر إلى سيرة دامجة بين خطابي الغير والذات في سمة واحدة هي النص الذي يتحوَّل إلى عينيْن وأذنيْن وذاكرتيْن وشعوريْن، يندمجُ الاثنان في الواحد (السارد)، الذي ينفصل أحيانا عن النص، وأحيانا يعود إليه، ناقلا المشاهد عبر لقطات قابلة للتمدد ذهنيًّا، عبر مخيلة المتلقي الذي يتشارك التفاصيل مع كليهما/الواحد.
لَيْس تَوْظِيْف السيرة هو ما نعول عليه في توظيف جنس أدبي مستقل، ودمجه مع جنس آخر (القصة)، بل انتقالات الخطاب هي الأساس (الـ”أنا”، الـ”هو”، الدمج بينهما، الـ”أنت”، الـ”نحن”)، وهي ما تشي بأن الالتفاف على الزمن، وكشف خبيء الذاكرة، والاستدعاءات المرتبطة بالمسكوت عنه، هذا كله يعطي انطباعا أوليًّا بأن التوظيف الجمالي (اللغة) والفكري (التاريخ الاجتماعي) والذاتي (الذاكرة المثقوبة)، يشير إلى خارطة إيحائية تفترض في السيرة مناخا لدمج المكاني مع التاريخي مع الواقعي في سياق واحد عبر وظيفة روائية التوصيل.
وَجهٌ آخَر مِن التوظيف الروائي في النص السردي يضعه حمود سعود في العنوان ذاته “غراب البنك ورائحة روي”، وهو اليوميات؛ فهي تتَّضح في عدد من الفقرات المرقمة التي تشكل مفاصل النص، وهي:
”في هذا المساء، كُنت جالسا في المقهى المنزوي” (ص:20).
”في الخامسة مساء، ستخرج المرأة المصرية” (ص:20).
”في السادسة والنصف من هذا المساء، لن يعبر غراب الربع الخالي فوق مبنى البنك المركزي في الحي التجاري بروي” (ص:24).
”في السادسة والنصف من كلِّ مساء مرة أخرى” (ص:25).
وداد المانعية
المُذكَّرات جنسٌ كتابيٌّ مُستقل، لكنه أيضًا قابل للتوظيف في سياق روائي، وحين يتعلَّق الأمر بـ”الوصف”، فإنَّ هذه تعتبر واحدة من وظائف الرواية والقصة القصيرة، مع الفارق بين حجم التفاصيل والتكثيف، وهي سِمة عامَّة في السرد. وهُنا، يُمكن طرح نموذج كتابي للكاتبة وداد المانعية، وهو نصٌّ “فيسبوكي” طويل مكوَّن من سبع حلقات، يحمل عنوان “بنجر السكر”، والنموذج المعنيون به هنا منشور في 26 نوفمبر 2016م، وهو الحلقة السادسة من السلسلة. ما يقوله هذا النموذج هو ما تقوله القصة القصيرة من بوابة الوصف وأسئلة السارد، إلا أنَّ البطل هنا هو الكاتبة ذاتها. وعلى الرغم من كَوْن النص –ظاهريا- يحملُ سمة مغايرة للقصة، من حيث غياب الحبكة أو العقدة، إلا أنه ضمنيًّا يحمل العقدة التي تتشكل من بوابة الأحداث المتلاحقة التي يمر بها الفريق الذي يشكل بنية الأحداث التي ترصدها المانعية.
يُوْرِد النصُّ السرديُّ المذكراتي ما يلي:
”وبعدَ تناولنا وجبة الغداء، أكملنا جولة التسوق، ولكن المشهد يأبى إلا أن يتكرَّر مرات أخرى، ولكن هذه المرة كان الأبطال هم الأطفال الذين استمروا ملتصقيْن في المجموعة على امتداد الشارع المزدحم! الغريبُ في الأمر أنَّهم يلاحقوننا نحن فقط، والأكثر غرابَة أنهم يرددون “الله كريم”، وأدعيَة دينية أخرى! وعند إعطاء زميلتي بعض النقود لأحدهم، جاء البقية يلهثون خلفنا ويستمرون في ذكر الله والمناجاة بالدعاء! كلُّ هذا كان يُعيد فتح جراح الأسئلة التي استمرَّت تغلي في وعاء عقلي!”.
هَذَا المشهدُ القصيرُ المستقطَع من النصِّ، يعتمد في بنائه التقني على القصة؛ بالنظر لأركانه الثلاثة: المقدمة، والعقدة، والخاتمة؛ سنجده يعتمد الوصف، ليصل في سطره الأخير إلى “القفلة” المدهشة، والمعزَّزة بشعرية الموقف لغويًّا وصدمته الفكرية.
ولَإِن اسْتَطَاعتْ المانعية أنْ تعكسُ المنظور -وهو توظيف القصة القصيرة ضمن بناء تقني مذكراتي- مع التسليم بأن النص الروائي -تقنيًّا- يحتوي الجنسين بحسب التوظيف، فإنَّ هذا يفترضُ أن تعيد النظر في الخاصية الكتابية التي تتفاعل مع الوقت الذي تنتمي إليه، وتحاول توظيف ما تستطيعه ضمن بنية نص واحد.
مُذكَّرات “بنجر السكر” قَامَتْ بتوظيف العناصر الروائية بشكل واضح، ولكن غابت الرُّؤية الناقدة عن تلمُّس التفاصيل؛ وبالتالي يمكن أن تمر الكثير من هذه النصوص وأشباهها دون أن تلفت أسئلتها الخاصة، ليس لقصور في البنية الكتابية لها، بل لقصور في الغوص فيها.
هَذِه الكِتَابات التِي قُمنا بتحليل خطابها وتجانسه في بعض التقنيات مع الرواية، تعتبر عبورا سريعا، في الوقت الذي تحتاج فيه عديد النصوص مُقاربات أكثر في استدعائها تقنيات الرواية ضمن القصة القصيرة، أو السرد القصصي القصير.
هَذَا يَنْطَبقُ عَلى اليوميات بمعناها التوثيقي، التدوينات…وغيرها من الأشكال والأجناس المتاحة كتابيًّا بشكل مُستقل، لكنها عندما صارت جزءا من المكتوب العام في سياق سردي -بمناسيب مختلفة حسب مقتضيات الفكرة- جذر النص السردي غايته الفلسفية.
لَيْس مِنَ السَّهل في النصوص السردية المحبوكة باحتراف أن يتم اكتشاف ذلك بسهولة؛ لأنَّ التوظيف يَسْتَدعي تقنيات مازجة ومماهية بما لا يتيح للمتلقي مساحة ذهنية لاكتشاف ذلك؛ لهذا تمرُّ هذه الأجناس في سياق سردي واحد، على أنه “قصة قصيرة”، بينما هي ليست كذلك.
الجُهُود النقديَّة الرَّصينة لم تكُن حاضرة لتُنْصِف العديد من النصوص السردية التي كان من المُمكن أن تُشكِّل مناخا تطويريا في بناء القصة القصيرة؛ لذلك كانتْ اجتهادات واشتغالات العديد من القاصين والقاصات محكومَة سلفاً بالتغييب، ومنذورة لتلاشي تقنياتها الكتابية في رياح الكتابات النقدية الكلاسيكية، خاصة وأنَّ الكثيرَ من هذه الاشتغالات أتت في فترة ذروة كان يَسْهُل تعيينها وتحليلها وبث روح تجاوزية مع أصحابها وصاحباتها من أجل استمرار التجريب، لكن هذا لم يحصل، وظلت النصوص السردية الجيدة في قاع بئر القصة القصيرة، أو في ظلها في أفضل الأحوال.
تمرُّد على القالب
أُحَاوِل أنْ أُشِير هُنا إلى أنَّنا نمتاز بوجود نصوص سردية لافتة، وهذا ليس جديداً، على الأقل من خلال معايشة مباشرة. فَفِي بِدَاية تسعينيَّات القرن الفائت، كان في جامعة السلطان قابوس العديد من كُتَّاب القصة، ممن حملت نصوصهم السردية -تحت يافطة القصة القصيرة- علامات تجاوزية، تحقَّق هذا التجاوز في منافسات عامة مثل المسابقات؛ ومنها: مسابقة المنتدى الأدبي، وجائزة راشد بن حميد (في الإمارات).. نذكُر من بينهم: يونس الأخزمي، ويحيى سلام المنذري، وعبدالله بني عرابة…وغيرهم. وعلى الرغم من ذلك، لم تجد تلك النصوص حياتها التجاوزية فعلا على المستوى النقدي، وحتى في ظل تقارير لجان التحكيم، لم تُوْغِل التقييمات في رصد المختلف حقًّا بقصد ديمومته أو توجيهه نحو ما ينمو بالنص ويجذره في الوقت ذاته، وهو ما سيجعل الناقد الرصين يبحث عن مثل هذه النصوص، صحيح أن بعضه سيجده في مجموعات قديمة تواريخ النشر، وبعضها لم يُرِد لها أصحابُها أن تفارق الورق الذي هي عليه.
هَل كانت نصوصا متمردة على القالب؟
نَعَم، كانتْ كَذلك.. ولكن لم يثبت النقد هذا التمرد؛ لذلك خنقها بنسبته إياها إلى القصة القصيرة، وأدخلها دهاليز الشرح والتفسير والتأويل، ونأى بنفسه -أقصد النقد- عن غير ذلك من المهمات، التي أظن أنها كانت ستصنع فارقا في تجديد مناخات الكتابات القصصية والسردية في السلطنة.
فِي زَمَنِنا الرَّاهن، لدينا هذا الزخم من النصوص السردية المختلفة، المتمردة، المستقلة والمحكمة السبك، النافذة نحو المعارف المختلفة، لكنها تحاول أن تنتمي إلى زمنها، أعني من ناحية تطوير التكنيك الكتابي؛ بحيث يصبح الوعي السردي يتجاوز خارطة القصة القصيرة، ليصنع لذاته مناخا كتابيا تقنيا مختلفا، لكنه يمرُّ بالمطب ذاته، النقد لا يُوَاكبه، لدينا نصوص تخلخل ثوابت التقنية الكتابية الكلاسيكية، وتنحاز تماما للتغيير الطافح بالتجريب الذي يصبو لنقد يفهمه ويشظيه ويعيد تكوينه، ولكنَّ صعوبة ذلك بادية، وكأن الزمن يعيد نفسه!
نصوص تفاعلية
لِمَاذا خَارِج السياق؟.. يظل المتلقي -ومن خلفه الناقد- في رُدْهَة النصِّ الذي تتضمنه المجموعة القصصية؛ باعتبار المجموعة مانحة الشرعية للنصوص والتجارب التي ينبغي أن تأخذها الندوات والمحاضرات والصالونات للنقاش والحوار والتفسير والشروحات، بينما التجارب الأخرى تبقى خارج الصلاحية النقدية، وأبعد نقطة عما يمكن أن تثيره لدى المتلقي، وهي التي تعيش بين أكناف “الفيسبوك” و”التدوينات” والصفحات الشخصية في عدد من التطبيقات الإلكترونية التفاعلية. والغريب في الأمر أنَّ نسبة التصفُّح الإلكتروني تفوق بكثير نسبة التصفُّح الورقي. وعلى الرغم من ذلك، تظل غير قادرة على استدراج الناقد إليها، رغم حيازتها صك اختلاف لافت.
تَلْفتُ نَظَرِي كثيراً العديدُ من النصوص السردية الإلكترونية؛ باعتبار أنَّ العالم الافتراضي (الإنترنت) مصدر مُهم للحِرَاك الثقافي والإبداعي، ومناخ جيد لمعرفة المختلف والمنسَاق نحو استقلاليته، وهناك أسماء مُتحققة من واقع تجاربها السردية -سمُّوها قصصية إن شئتم- لكن الخشية على تجاربها من الانزواء تبقى محل تَسَاؤل مُلِح ومُهم.
وَفِي رَأيي أنَّ هذا المصدرَ الإلكترونيَّ هو أحد بواعث التنافسية والنقد الرصين، بل وتحفيز استمرارية المختلف، ولا يمنع قيام ندوات ثقافية ونقدية وحوارية لاستجلاء هذا العالم ونصوصه السردية؛ فلا مهرب منه، لكن: هل هُناك من سيُسمِّيه مصدراً، خاصة إذا كانتْ المُعرِّفات كاتبة النصوص حقيقية وليست وهمية، وموجودة على أرض الواقع؟
خاتمة
مَا هِيَ العَلَاقة بَيْن النص القصصي العُماني القصير والرواية؟.. هي علاقة وطيدة بلا شك؛ بدليل أن تداخل الأجناس في النص الروائي موجودٌ في النصوص السردية القصيرة العُمانية، التي يتم تكريسها على أنها نصوص قصصية قصيرة.
4,777 total views, 2 views today
Hits: 198