عرض تقرير العمل الإنساني من أجل الأطفال للعام 2019
مُحمد عبده الزغير – خبير حقوق الطفل
قامت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بإطلاق النسخة العربية من تقرير المنظمة عن العمل الإنساني ابتداءً من العام 2005، وهو عبارة عن وثيقة موجزة تتضمن البرامج الإنسانية لدى اليونيسف، وأعمالها الرئيسة ومنجزاتها في أنحاء العالم خلال السنة الماضية. ويعتبر التقرير نداء سنوي من لليونيسف من اجل الأطفال والنساء المتضررين من حالات الطوارئ في جميع أنحاء المعمورة. ويتوقع من إصداره إعطاء دفعة قوية لتعبئة الموارد من أجل الدول والمناطق التي تعاني من الأزمات.
ويتضمن التقرير السنوي على لمحة عامة عن احتياجات التمويل للعام الذي يصدر فيه التقرير، وعلى فصول قطرية وإقليمية ومقالات ذات بعد أنساني، ونظرة إلى الوراء عن التمويل الطارئ في العام السابق. وبهذا تبين المنظمة مدى استجابة برامجها الإنسانية سنوياُ مع احتياجات الأطفال في المناطق التي تشهد حالات طوارئ.
وأصدرت اليونيسيف في الشهر الماضي من هذا العام، يناير 2019 وثيقة العمل الإنساني من اجل الأطفال للعام 2019، وجاء التقرير في (16) صفحة مسلطاً الضوء على ضرورة حماية الأطفال الذين يعيشون في الأزمات من كافة هذه التهديدات التي تعترض حياتهم ورفاههم وكرامتهم.
وأشارت افتتاحية التقرير إلى أنه “يواجه مئات الملايين من الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تشهد نزاعات متفاقمة وطويلة الأمد أكبر المخاطر. وحالياً هناك تزايد أكثر من أي وقت مضى في السنوات الثلاثين الماضية في عدد الدول التي تتورط في اقتتال داخلي ودولي. وكل نزاع يجلب معه عواقب وخيمة جداً على الأطفال الذين دائماً ما يكونون الفئة الأكثر ضعفاً.
وفي أسوأ الحالات، يكون الأطفال معرضون لخطر الأذى المباشر من الهجمات الموجهة وتلك التي لا تميز، إضافة إلى حالات الإيذاء التي يتعرضون لها مثل العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والاختطاف والتجنيد في القتال”. (انظر: الافتتاحية في تقرير العمل الإنساني من اجل الأطفال 2019، ص2)
وبين التقرير أنه في عام 2018، وصلت اليونيسف وشركاؤها إلى أكثر من 3.1 مليون طفل ومقدمي رعاية في بنغلادش – حيث كان مئات الآلاف من شعب الروهينيغا يبحثون عن ملاذ هرباً من العنف في دولة ميانمار المجاورة، وفي جنوب السودان، حيث جرى تشريد الملايين.، وتم تقديم مساعدة إلى آلاف الفتيات والأولاد على إعادة الاندماج في أسرهم ومجتمعاتهم بعد إطلاق سراحهم من قبل القوات والجماعات المسلحة.
وهذا ينطبق على مختلف أشكال التدخل في المساعدة على جميع الأطفال سواء كانوا في أفغانستان، أو جمهورية أفريقيا الوسطى أو تشاد أو جمهورية الكونغو الديمقراطية أو العراق أو ليبيا أو مالي أو الصومال أو سوريا أو اليمن أو أي دولة مزقها الصراع.
وأشار التقرير في الصفحتين 4 و5 الى ارقام بيانية توضح التمويل المطلوب في العام 2019، موزعاً على المناطق السابعة، وهي: شرق آسيا والمحيط الهندي، شرق وجنوب أفريقيا، أوروبا ووسط آسيا، أمريكا اللاتينية والكاريبي، الشرق الأوسط وشمال افريقيا، جنوب آسيا وغرب ووسط افريقيا. وهذه المناطق السبعة تضم (32) دولة هي: جمهوريا كوريا، ميانمار، انغولا، بوروندي، اريتريا، اثيوبيا، كينيا، مدغشقر، الصومال، جنوب السودان، اوغندا، زيمبابوي، أوكرانيا، هايتي، العراق، ليبيا، فلسطين، السودان، سوريا، اليمن، أفغانستان، بنغلاديش، الباكستان، بوركينا فاسو، الكاميرون، افريقيا الوسطى، تشاد، الكونغو الديمقراطية، مالي، موريتانيا، النيجر، الكونغو، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين المهاجرين في أوروبا، والأطفال المتنقلون – أزمة فنزويلا، واللاجئون السوريون في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك الاعتمادات المخصصة للمكاتب الإقليمية لليونيسف في تلك المناطق.
وتحدد التمويل المطلوب خلال العام بحوالي 3.9 دولاراُ امريكياً، لمساندة (73) مليون شخص، منهم (41) مليون طفل في (59) دولة – منها الدول التي تأوي اللاجئين والمهاجرين والمتنقلين-، وتتوزع على مجالات: التغذية، الصحة، المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، حماية الأطفال، التعليم، التحويلات القائمة على النقد، والمواد غير الغذائية. وتحددت نسبة اجمالي المتطلبات لكل قطاع كالتالي: التعليم 29 %، برنامج المياه والصرف الصحي والنظافة العامة 20 %، التغذية 18 %، حماية الأطفال 10 %، الصحة 10 %، وأخرى 13 %.
وبينت الخارطة العالمية على الصفحتين 6 و7، الأطفال الين يعيشون في بيئات الأزمات. وسلطت الضوء على الوضع الإنساني العالمي في نهاية عام 2018، وبعض الأزمات الرئيسية التي تؤثر على الأطفال واسرهم. وتم التركيز فيها على الأزمات والدول التالية: أزمة الروهينيغا في بنغلادش وميانمار، أفغانستان، سوريا ودول الجوار، اليمن، اثيوبيا، جنوب السودان، الكونغو الديمقراطية، أوكرانيا، حوض بحيرة تشاد (الكاميرون، وافريقيا الوسطى، والنيجر ونيجيريا)، ليبيا، وأزمة فنزويلا. وبينت المعلومات الموجزة المتوافرة في الخارطة حجم الأضرار والمتضررين، والمساعدات المطلوب توفيرها في هذه الدول والمناطق.
وتمت الإشارة في الصفحتين 8 و9، الى النتائج التي تحققت في عام 2018، حيث رصدت الرسوم البيانية لبعض النتائج الرئيسية التي تحققت على صعيد الغايات التي وضعتها اليونيسيف وشركاءها من أجل الأطفال خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2018، وبينت كذلك السياقات التي اعاقت الإنجازات بمحدودية الموارد، بما في ذلك القطاعات وعدم كفاية الوصول الى المساعدات الإنسانية وانعدام الأمن وبنية العمل الصعبة، ومستويات التمويل حسب الدولة.
وأوضح التقرير في الصفحتين 10 و11، كيف تم تمويل برامج العمل الإنساني في عام 2018، مبيناً بان الاحتياج الفعلي كان (3.8) مليار، الا ان ما تم الالتزام بتوفيره هو (1.8) مليار فقط. وهذا يشير الى ان التمويل الذي توفر هو اقل من 50 % مما هو كان مطلوبا، الأمر الذي أعاق تحقيق بعض البرامج في القطاعات المختلفة كما سبق الإشارة الى ذلك. وفي هذا الإطار تمت الإشارة الى الخمسة الدول الأولى للجهات المانحة، وكذلك العشرة الدول الأولى للجهات المانحة في عام 2018. وتبين من جهات التمويل المانحة مساهمة (5) جهات من القطاع الخاص، وكذلك مساهمة (3) دول عربية، هي: الكويت والسعودية والامارات. كما تم توضيح التمويل الملتزم به حسب المنطقة (بالمليون دولار امريكي) وكيف تم توزيع الاعتمادات على المناطق.
وتناول عنوان “الدعم العالمي لعمل اليونيسف الإنساني” في الصفحتين 12 و13، شرح موجز لأهمية العمل الإنساني بالنسبة لليونيسيف من اجل تحقيق حقوق كل طفل وطفلة، الذي بمقتضاه عملت اليونيسيف على تقديم استجابة إنسانية بشكل ممنهج بناءً على خطتها الاستراتيجية للأعوام 2018 – 2021.
وفي هذا الإطار تمت الإشارة الى الدعم العالمي في الميدان في عام 2018، حيث كان هناك (6) حالات طوارئ كبيرة، تطلبت حشد على جميع مستويات منظمة اليونيسيف، لمتابعة: أزمة اللاجئين في بنغلادش والأزمات المتفاقمة وطويلة الأمد في الكونغو الديمقراطية وشمال شرق نيجيريا وجنوب السودان وسوريا ودول الجوار واليمن. وتمت الإشارة الى الإنجازات التي تحققت في الميدان.
وللسير قدما في تحقيق خطتها ستركز اليونيسيف في عملها على المبادرات التي من شأنها تحسين جودة استجابتها الإنسانية بشكل عام. بالإضافة إلى توسيع وتطوير الشراكات الجديدة على المستوى العالمي للتصدي بشكل أفضل للتحديات الإنسانية.
وبين التقرير على الصفحتين 14 و15 مجالات الدعم العالمي المطلوب لعمل اليونيسيف الإنساني من اجل الأطفال للعام 2019، وكيف سيتم توزيع التمويل المطلوب وهو (3.9) مليار، على الدعم الإقليمي، ودعم العمليات ودعم البرامج الإنسانية.
الخلاصة: هدفت من عرض جهد منظمة اليونيسيف للعمل الإنساني من اجل الأطفال، توضيح الدور التي تقوم به واحدة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل بشكل مباشر، وحتما هناك جهود موازية للمنظمات والوكالات المتخصصة الأخرى في الأمم المتحدة، تتقاطع أدوارها بهذا الشأن في مجالات الطوارئ مع عمل منظمة اليونيسيف. وهي جهود مقدرة رغم انها لا تحل الازمات والمشاكل القائمة.
وأمام هذا يبرز تساؤل اين هو دور المنظمات العربية والإسلامية وغيرها من المنظمات الإقليمية، خاصة وان النصيب الأكبر من تلك الدول التي تشهد أزمات ونزاعات مسلحة هي عربية وإسلامية، التي يمكن ان تساهم بدور فاعل في درء مخاطر النزاعات المسلحة تحديدا، عن طريق حل الخلافات ودعم الحوار بين القوى والدول المختلفة ونشر السلام في المنطقتين والعالم.
3,274 total views, 2 views today
Hits: 187