الكاتبة: نوال الراضي/ المغرب


زرت اليوم زميلي فادي في منزله لمراجعة درس تعسر علي فهمه في مادة الرياضيات، فادي تلميذ متفوق في كل المواد، مما لا شك فيه أنه اكتسب تفوقه من والديه.

استقبلني والداه بحفاوة فرحب بي العم إبراهيم في مكتبته العلمية المليئة بالكتب، وقدمت لي الخالة كريمة عصير البرتقال المنعش وحلوى الفراولة اللذيذة، وقبل البدء في مراجعة دروسنا سألني عن حلمي المهني، قائلا: ماذا تحلم أن تكون في المستقبل يا إلياس؟

نظرت إليه باستغراب لأنني لم أفكر من قبل ما الذي أريد أن أكونه في المستقبل.

تذكرت أن هذه ليست أول مرة يطرح علي مثل هذا السؤال؛ فقد سألتني عمتي سمية ذات مرة ماذا تريد أن تكون في المستقبل يا إلياس؟ ولكنني لم أجبها، لأنني كنت حائرا في الاختيار بين مهنة أبي وهو مهندس معماري، وبين مهنة عمتي وهي طبيبة، وبين مهنة أمي وهي تعمل معلمة، أما الآن فأنا أطمح أن أصبح طبيبا مثل عمتي، ابتسم وقال: أنت أيضا تريد أن تكون طبيبا مثل فادي؟ ثم سألني ولماذا تريد أن تصح طبيبا يا إلياس؟

تذكرت قول عمتي سمية وهي تردد على مسمعي: الطب عمل إنساني يقوم على المحافظة على حياة الآخرين كون حياتهم أمانة يجب المحافظة عليها، ومن يزاول مهنة الطب يؤدي عملا رفيعا أساسه العلم والخلق الحسن بحسن الاستماع إلى المريض ومعاملته بعطف وحسن مع مراعاة وضعه الاجتماعي.

وأنا أحلم أن أنقذ حياة الناس؛ أنا أريد أن أشفيهم من الأمراض وأخفف عنهم شعورهم بالألم والمعاناة.

قال عمي إبراهيم وهو يظهر على ملامح وجهه الرضا والموافقة: جميل جدا يا إلياس؛ صدقت الطب مهنة إنسانية تقوم على مساعدة الآخرين وتحتاج إلى الصدق وإخلاص النية في العمل.

مباشرة بعد انتهائه من كلامه علمت أنه طبيب أيضا، وبسرعة بديهتي أجبته: إذا أنت أيضا طبيب؟ ابتسم مؤكدا صحة قولي، ثم سألني: وكيف علمت ذلك؟ هل أخبرك به فادي؟ قلت له: لا بل لأنك رددت نفس ما تقوله عمتي عن الطب، كما رأيت على مكتبك صورتك بجانب جسم الإنسان الصطناعي، فعلمت أنك طبيب.

نظر إلي العم إبراهيم بإعجاب قائلا: ما شاء الله، تبارك الله، زادك الله نورا يا إلياس، أنت فتى ذكي ودقيق الملاحظة، كلامك على صواب يا بني أنا أيضا طبيب.

ثم استرسل قائلا: اسمع يا إلياس إن طموحك في أن تصبح طبيبا يجعل حلمك سهل التحقق، وما عليك إلا أن تتمسك بحلمك ولا تتراجع عنه بسهولة.

وبدأ يشرح لنا درس الرياضيات، وبفضله فهمت ما استعصى علي فهمه من الدرس، سررت جدا بزيارتي لمنزل زميلي فادي لأنني قررت التمسك بحلمي، وازددت تشبثا بطموحي في أن أصبح طبيبا في المستقبل.


رابطة ثقافة الطفل العربي
– د. مصطفى عبدالفتاح رئيسا – سوريا
– الناقدة صفاء البيلي – مصر
– المدربة والكاتبة أمينة الرويمي – الجزائر
– الكاتبة والمترجمة أسماء عمارة – مصر
– التربوية الباحثة فاطمة الزعابي – سلطنة عمان

 2,586 total views,  2 views today

Hits: 125