ليلى وزهرة دَوَّار الشمس

حسان زموري
كاتب قصص أطفال وشاعر، الجزائر

كانتْ ليلى تقضي أيّامَ عطلتِها الصّيفيّةِ عندَ جدَّيْها، وخرجَتْ لتلعبَ في المرجِ أمامَ المنزلِ، وكانَ بالمرجِ أزهارٌ كبيرةٌ وجميلةٌ، أزهارٌ تشبهُ الشّمسَ اللّامعةَ التي اعتادتْ ليلى أنْ ترسمَها على دفترِها وتلوِّنَها بالأصفرِ الذهبيِّ.
لعبتْ ليلى وسطَ هذهِ الأزهارِ الجميلةِ حتّى سمعَتْ الجدَّ يناديها ويلوِّحُ لها كي تعودَ إلى المنزلِ. قطفَتْ ليلى بصعوبةٍ زهرةً واحدةً كبيرةً منْ هذهِ الأزهارِ الكبيرةِ لأنَّ ساقَها عريضٌ وخشنٌ ما يجعلُ قطفَها صعباً. ركضَتْ ليلى نحوَ المنزلِ وأخبرتْ جدَّها أنّها أحبّتْ هذهِ الأزهارَ الصّفراءَ والبنيّةَ كثيراً وقالتْ لهُ أنظرْ يا جدِّي كم هي جميلةٌ. ابتسمَ الجدُّ في وجهِ حفيدتِهِ وأمسكَها بلطفٍ من يدِها طالباً منها أنْ تتبعَهُ إلى المطبخِ. حكى الجدُّ لليلى عن زهرةِ دَوَّار الشّمسِ، أخبرَها أنّ زهرةَ دَوَّار الشّمسِ هي زهرةٌ تحبُّ الشّمسَ وتميلُ ناحيتَها، ترفعُ رأسَها نحوَ الشّمسِ أثناءَ الشّروقِ وتحنيهِ عندَ الغروبِ. وأخبرَها أنّ زهرةَ دَوَّار الشّمس تفعلُ هذا كي تنموَ فهي تحتاجُ لأشعّة الشّمس كي تقوم بعمليّةِ التّمثيلِ الضوئي اللّازمةِ لصنعِ غذائِها. فرحَتْ ليلى بهذهِ المعلوماتِ الجديدةِ وابتسمَتْ.
قالَ الجدُّ: هل تعلمينَ يا صغيرتي أنّ بذورَها تُحَمَّصُ وتُأكَلُ، إنّها لذيذةٌ جدًا.
ردّت ليلى: اممم، أنا لا أعرفُ ذلك يا جدّي الحبيب، سيكونُ أمراً جميلاً لو أتذوّقُها.
ابتسمَ الجدُّ وقال: حسناً يا عزيزتي.
قام الجدُّ منْ على الطاولةِ، أحضرَ سكّيناً أفرغَ بواسطتِهِ زهرةَ دَوَّار الشّمس منْ بذورِها. نظّفَ البذورَ جيِّداً ونزعَ قشورَها، وضعَها في مقلاةٍ وأضافَ لها القليلَ منَ الملحِ كي تصيرَ ألذَّ، وراحَ يقلّبها بملعقةٍ بين الحينِ والآخرِ، حتّى تحمّصتِ البذورُ وصارتْ بلونٍ ذهبيٍّ.
وضعَ الجدُّ البذورَ المحمّصةَ الشّهيّةَ في صحنٍ وجلسَ بقربِ حفيدتِه يأكلانِ البذورَ بينما يحكي لها عن طفولتِهِ.
في المساءِ، أحضرَتْ ليلى ورقةً بيضاءَ وأقلاماً ملوّنةً. بالأصفرِ والأخضرِ والبنّيّ رسمَتْ زهرةَ دَوَّار شمسٍ كبيرةً وجميلةً في وسطِ الورقةِ، وباللّونِ الأزرقِ لوّنَتْ السّماءَ فوقَ الزهرةِ الجميلةِ، وعلى العشبِ المحيطِ بالزّهرةِ الذي لوّنته بالأخضرِ كتبَت بقلمٍ أسودَ (أحبّكَ جداً يا جدّي الحنون)، ولوّنَت الزّهرةَ بأصفرٍ فاقعٍ جميلٍ كأنّها شمسٌ تلمعُ.
ركضَتْ ليلى نحو جدِّها وأهدتهُ الرّسمةَ التي رسمَتها سعيدةً بما أنجزَتهُ.
قال الجدُّ مبتسماً: يا لها من زهرةِ دَوَّار شمسٍ جميلةٍ.
عانقَ ليلى وقالَ لها: أحبّكِ كثيراً يا شمسي الصّغيرةَ، أنتِ أجملُ منْ كلِّ الأزهارِ.
رابطة ثقافة الطفل العربي
– د. مصطفى عبدالفتاح رئيسا – سوريا
– الناقدة صفاء البيلي – مصر
– المدربة والكاتبة أمينة الرويمي – الجزائر
– الكاتبة والمترجمة أسماء عمارة – مصر
– التربوية الباحثة فاطمة الزعابي – سلطنة عمان
3,079 total views, 2 views today
Hits: 155