انتصار بنت محمد السنانية 
معلمة


لم أتخيل ..

وأنا أستيقظ كل يوم بذلك التوتر الجنوني حين أقوم فزعة بعد أن ضبطت المنبه عدة غفوات متلاحقة لأحظى بخمس دقائق بائسة بينهن أقوم بسرعة وأنا أعد نفسي أني لن أكرر ذلك، أعدها وحسب دون جدوى.. اذ يتكرر ذا كل يوم .. لم أتخيل..

ذلك الصخب الصباحي والذي ينتهي بفتح باب السيارة لأنهي حَفلة أبواق الصباح التي تطلقها سيارة صاحبتي:

– عذراً تأخرت..

– يومك سعيد.. نظرة امتعاض مختومة بابتسامة مريحة

ثم حديث مطول جميل يتداخل مع اجواء الصباح المفعم بالحيوية .. لم أتخيل ..

أصوات الحافلات .. السيارات .. همهمة الناس بالسوق .. الطرقات المكتظة بالأجساد .. لم اتخيل أن يتوقف الزمن لحظة فيقف كل شيء معه..

حين انتبهت إلى سَاعتي كان كل شيء قد توقف اختفى كل شيء في ما عدا اشعار واحد ظل يومض به هاتفي: بقاؤك في المنزل واجب وطني.  واختفت من بعده كل الاصوات وعم الهدوء وهجعت الدنيا ..

بعد مضي أكثر من أسبوعين على ذلك الواجب الذي تحتم .. كنت أتحسس الجدران طمعاً في زيارة ما تُسكن اضطرابها .. لم اعد أجمع أشيائي المهمة خوفا من زيارة مباغتة من أبناء أخوتي فينشب عراك مطول بيني وبينهم .. اختفت من البيت ضحكاتهم ولعبهم فجأة دون سابق نذير..

أذكر أنني وقفت أمام نافذة المطبخ إذ سرق وقتي صوت طفل صغير فأرسلت أذني تستجمع كل الشعور والحبور لابد وأن أحد أبناء الجيران قد زار أهله..

وتجاوز المحظور.. شَوقاً..

ثم من أجل ذلك السبب الذي تعلمون كيف سيكون رمضان؟ وهو المملوء بكل اجتماع.

ولبرهة نسيت أن أتسوق للعيد وما العيد بعد إذ؟!

لم أتخيل أن يحدث توقف مباغت للحياة بهذا الشكل فنمتنع بملء الارادة والاكتفاء..

وكأن الأرض تأخذ هدنتها.

 2,591 total views,  2 views today

Hits: 241