خديجة بنت عبد الرحمن القاسمية
تربوية


كائنٌ ضئيلُ الحجمِ لا يُرى بالعين المُجردة إنما يمكننا رؤيته بأعينٍ أُخَر، فعينُ السلبية والتي ندركها جميعاً ولها جوانبَ عدة فمنها الجوانبُ الاجتماعية والجوانبُ الاقتصادية والصحية ايضاً  والتي تمثلت  في تفشي هذا الوباء، الفتكِ بالأرواحِ، بث القلقِ في الأنفس والتباعد الاجتماعي وصولاً إلى إغلاقٍ للحدودِ الدولية بكافة اشكالها البريةِ والبحريةِ وكذا الجوية، وما صاحب ذلك من ارتفاع في أسعار بعض السلع والمنتجات، كما لا يغيب عن أذهاننا كيف أن هذا الفايروس حول المُدُنَ والطرقات من الحياة الى الممات ومن الجمال إلى الشحوب.

اما لو نظرنا إلى هذا المرض بعين الإيجابية فإن أبرز إيجابياته تكمن في أن كوكب الأرض يأخذ قسطاً من الراحة بعيداً عن الدخان وما شابه ذلك وفيما يخص الوطن الغالي عُمان فلقد أثبت كل من على هذه الأرض الطيبة بأن العماني هو شخص واحِدٌ وبأن من يقطن مسندم هو ذاته قاطن ظفار وبأن مطرح حين تألمت، تألمت لها صُحار، فإن كانت عُمان تحمل فوق ترابها الغالي مليوني روحٍ ونَفَس ظاهراً إلا ان باطنها روحٌ واحِدةٌ في السراء والضراء، كما أثبت العُماني بأنه قادرٌ على العطاء أينما وضع وتحت أي ظرف يكون، فبينما القلقُ يُسيطرُ على العالم كان العُماني يحول المصانع لإنتاج المعدات الطبية في غضون شهرٍ واحدٍ رغم أن عُمان ولله الحمد لم تدخل التحدي كدولٍ أخرى كون أن عدد الإصابات التي تسجلُ في عُمان حتى الأن لا زالت مبشرة بأن الفايروس لن يأخٌذَ مدى كبير من حيثُ الانتشار.

ما يهمنا الأن وفي هذا المقال تحديداً  هو كيف يمكن ان نرى فايروس كوفيد2019 بعين الذات وأن نستثمر هذا الوقت وهذا الوضع خير استثمار لذواتنا وبشكلٍ يعود ايجاباً على المجتمع من حولنا، إن الحجر الصحي والتزامنا منازلنا لا يعني بأننا رهن الحبس او تحت الإقامة الجبرية، بل على العكس من ذلك فكلٌ منا يلزم جنته الأن، جنته الكامنةُ في منزله وسط عائلته ومع ذاته، حين طُلبَ منا أن نمكث في بيوتنا حتى حين، لم نوقع على اتفاقية بأن نقضي أيامنا بين نوم وجلوس ومأكل أو على مواقع التواصل الاجتماعي لنصدق كل ما قيل و يُقال أو لنتتبع الشائعات، انما بإمكاننا أن نستثمر هذه الفترة لتنمية الذات من مختلف الجوانب، بأن نعمل على التنمية الوجدانية والمعرفية والمهارية، نخصص وقتاً للتزود والتوغل في مكنونات الدين الإسلامي الحنيف، نخصص وقتاً للعائلة للجلوس والتسامر والإستزادة المعرفية وتنمية العلاقات العاطفية وزيادة الشحنات الإيجابية والتخلص من كل ما هو سلبي، ولو اتجهنا الى تغذية الروح والفكر بإمكاننا أن نقرأ كُتباً لا كتاباً، فمع وقت الفراغ الذي وجد مساحة في حياتنا في الفترة الحالية فإن يوماً يكفيني لقراءة كتابٍ بهدوء وفهم وإدراك ولو فرضنا بأننا سنكمل قراءة الكتاب في ثلاثة أيامٍ فهذا يعني بأننا قادرين على قراءةِ عشرة كُتبٍ خلال شهر واحدٍ ومن الاستحالة بمكان أن لا نحقق ولو فائدةً واحدة من كُلِ كتابٍ نقرأه.

لا يخفى على مسامعنا كم ترددت عبارة التعلم عن بعد فهي ليست وليدة التو واللحظة وليست ضرباً من الخيال كما أنها ليست من عوالم أُخرى إنما هي طريقة موجودة في واقع حياتنا اليومي إلا أننا لا ندركها كون أننا نمارسها بطريقة غير رسمية، فكثيرٌ منا من يتعلم القصص والمعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي وأخرين يتعلمون على برامج التقنية كبرامج صناعة الفيديو بمختلف أنواعها وغيرهم الكثير لاسيما النساء ممن يتعلمن الطبخ من الإنترنت، كل هذا يدخل في نطاق التعلم ولكن بإمكاننا أن نغير من فهمنا للتعلم عن بعد او من طريقة استخدامنا له، كأن ندخل دورات في اللغة أو التكنولوجيا او العلوم أو حتى دورات تنمية وتطوير الذات سواء تلك الرسمية أو غير الرسمية.

ضع لنفسك أهدافاً ستنجزها خلال شهر كدخول دورة تعليمية أو تدريبية عبر الإنترنت تفيدك في حياتك أو مجال عملك، او حتى قراءة عدد من الكتب او تشارك كتب القصص بينك وبين أهل بيتك، فأنت قادر على تنمية ذاتك واكتشافها في هذه الفترة فأغتنم الفرصة ولا تتكاسل وإنما قم واعمل.

 2,946 total views,  2 views today

Hits: 225