نوران زهران الهنائية
مترجمة


في خضم الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم بأسره نتيجة تفشي جائحة فيروس كورونا بات لزاما علينا أن نتعايش مع هذا الكائن المتناهي في الصغر، وأن نبتكر أنماطا وأساليبا مختلفة نكسر بها الجمود الذي اعترى حياتنا مع مراعاة التعليمات والإرشادات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.

بالتأكيد لم يكن من اليسير التأقلم مع الوضع الجديد الذي فرضه علينا هذا الوباء لاسيما البقاء في المنزل وعدم التمكن من زيارة الأقارب أو الخروج للتنزه وارتياد المجمعات التجارية والخ، ولكن لابد للحياة أن تستمر، ويحدونا الأمل والتفاؤل في أننا سنتخطى هذه الأزمة قريبا، وسيعود كل شئ أفضل مما كان عليه في السابق، فبرغم ازدياد حالات الإصابة بشكل مطرد واستمرار هذا الفيروس حصد مئات الآلاف من الأرواح لا زلنا نتحسس أن هناك ثمة بشارات تلوح في الأفق منتهجين مبدأ حسن الظن بالله والتوكل عليه.أكاد أجزم أن هذه المحنة تحمل في طياتها دروسا عظيمة ومنح ربانية ثمينة لن يستشعرها سوى اللبيب الفطن الذي يدرك يقينا أن كل ما يأتي من الله هو خير وإن بدأ في ظاهره أنه شر.

بعد تلك العزلة والانقطاع عن العالم الخارجي أصبح لدينا الكثير من الوقت الذي كنا ندعي سابقا أنه غير كاف وليس بمقدورنا إنجاز العديد من الأهداف بسبب ضيق الوقت وتسارع أحداث الحياة، نفضنا عن بيوتنا غبار الكآبة والرتابة، وأعدنا ترتيب الأولويات وصياغة الأهداف، وقضينا وقتا طويلا وممتعا مع صغارنا الذين اشتاقوا إلى أحاديثنا وفكاهتنا وقصصنا الخيالية بعدما كنا نشغلهم بالأجهزة الذكية وما تحمله من برامج وألعاب لنتفرغ لأهدافنا الشخصية ومن المحزن جدا أن لا يضع البعض الاهتمام والاعتناء بأطفالهم على رأس قائمة أولوياتهم. أصبحت الأمهات يتفنن في إعداد أشهى الوجبات بمساعدة فتياتهن الجميلات والاستغناء عن شراء الوجبات السريعة غير الصحية، كما يحرص كلا الوالدان على تحضير أنشطة ترفيهية ممتعة لجميع أفراد الأسرة لاستغلال أوقاتهم بالشئ المفيد، ومن هذه الأنشطة على سبيل المثال لا الحصر: حلقات لتعلم علوم القرآن الكريم والسيرة النبوية العطرة وقراءة الكتب والقصص وإعداد تجارب علمية مثيرة وإعادة تدوير المنتجات القابلة للاستخدام وصنع أشياء جديدة ومفيدة ومتابعة برامج تعليمية ووثائقية وتخصيص بعض الوقت لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي مع انتقاء الصفحات الهادفة وغيرها الكثير.

وما يهمنا هو أن لا نبث في نفوس أبنائنا الخوف والذعر، وأن نحرص على أن يسود البيت الاطمئنان والأمان بحيث نشرح لهم ما يدور حولهم من متغيرات وكل ما يتعلق بهذا الفيروس والتدابير الوقائية التي يجب عليهم الالتزام عليها لتجنب العدوى. كل ذلك لابد أن يتم بكل بساطة ويسر وعلى النحو الذي يتناسب مع مراحلهم العمرية وقدراتهم الفكرية، فمن المهم جدا الحفاظ على صحتهم النفسية مع التأكد من أنهم يتمتعون بمعنويات عالية وطاقة إيجابية، إذ أنهم لم يعتادوا على الحجر المنزلي والذي هو بالنسبة لهم أشبه ما يكون بالسجن إذا لم يتم استغلال هذه الفترة واستثمارها في اكتشاف المواهب والقدرات، كما يجب أن لا ننسى ذواتنا ونجحف في حقها، فهذه فرصة ذهبية ولابد أن نحسن استغلالها في إنجاز ما نصبو إليه من آمال وأهداف، وأن لا نرضخ تحت وطأة التسويف والتكاسل والتقاعس..د

تأسيسا على ما تقدم في هذا المقال يمكن القول أنه الإنسان يستطيع أن يبدع ويحقق إنجازات باهرة وهو في أحلك الظروف، ويمكنه أيضا أن يحتوي ويتأقبم مع مثل هذا النوع من الأزمات طالما يتحلى بالإرادة القوية والعزيمة الصلبة.

 3,046 total views,  2 views today

Hits: 60