نحو سلوكيات أفضل لأطفالنا
مريم الشكيلية
قال تعالى في محكم كتابه العزيز في سورة القلم “وإنك لعلى خلق عظيم”، وقال أيضا في سورة الأحزاب “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” صدق الله العظيم.
وأنا أخط بقلمي هذه السطور لكتابة موضوع لطالما استوقفني كثيرا وهو “أطفالنا والآداب الإسلامية”، وكنت قد شاهدت برنامجا تلفزيونيا في إحدى المحطات الأجنبية، وجذبتني عادة الأطفال في تلك الدولة وهي دولة غير إسلامية، ورأيت هؤلاء الأطفال وهم على مائدة الطعام يتمتمون بعبارات دينية ويشكرون الله على النعمة، وطريقة تناولهم للطعام منظمة، وشاهدت أيضا كيف أنهم يطرقون الأبواب قبل دخولهم إلى الغرف، وتلقائية الشكر في تعاملهم مع الآخرين، وغيرها من السلوكيات التي في حقيقة الأمر أعجبت بها جدا، وهي ما يطلقون عليها اليوم بـ”الذوق والإيتكيت”.
لست هنا حتى أنبهر بعادات الشعوب الأخرى، فنحن لا ينقصنا الإرث العظيم، وإنما حدثتني نفسي: أين نحن اليوم من هذه الذوقيات وهذه السلوكيات؟ وأين أطفالنا منها اليوم؟ ونحن خرجنا من رحم أمة سبقت كل الأمم في الآداب والسلوكيات الحميدة، والتي تعتبر مدرسة إسلامية يشار لها بالبنان.
في الحقيقة أنا لا أقصد التعميم والنقد أو التقليل من جهود الأسرة في تربية الأبناء، لكنني لا أخفيكم سرا أن هناك اليوم أمورا قد يهملها بعض الوالدان في تربية أبنائهم بقصد أو بدون قصد، تلك التفاصيل الصغيرة التي قد يراها البعض ليست ضرورية أو مهمة، فمثلا: البعض من أولياء الأمور يهتمون أن يتناول الطفل طعامه أكثر مما يهمه آداب الطعام، أو أنه يجتهد في أناقة طفله بالملبس والمظهر ويراقب نظافته البدنية، ويشعر بالإحراج الشديد إذا ظهر ابنه بمظهر غير لائق -وهذا طبعا أمر مهم ومحمود ولابد منه- ولكن مع الأسف البعض لا يهتم بنظافة لسان ابنه ولا يراقب كلماته وحديثه مع الآخرين، ولا يحرص على تلقين طفله عبارات الشكر إذا حصل على شيء أو تلقينه كلمات الاعتذار حينما يرتكب الخطأ مع الآخرين، وهكذا والأمثلة تطول.
هذه الأدبيات والسلوكيات الذوقية ليست لم تعد متجذرة في أبنائنا اليوم، فنحن من المؤسف أن نرى كيف يمد بعض الأطفال أيديهم إلى الطعام بطريقة غير لائقة في حضور والديه، وكيف لا يطرقون الباب عند الدخول، وكيف يستخدمون ألفاظا غير لائقة والتي لا تناسب الذوق والآداب العامة.
إن أجيالنا اليوم تفتقر إلى قاعدة حقيقية وصارمة، لا تتكئ على الظروف أو التهاون أو المزاجية في غرس هذه الذوقيات السلوكية في كل تصرفاتهم، حتى نخرج جيلا نباهي به الأمم، وجيلا يحمل هويته التي لطالما كانت الأساس في بناء الإنسان، وبلا شك إن هذه السلوكيات التي يتربى عليها الجيل هي البوصلة التي يهتدي بها على مدار عمره، وتكون شاملة لكل جوانب حياته، لذلك هي مهمة ضرورية وكما يقول المثل “التعلم في الصغر كالنقش على الحجر”.
رابطة ثقافة الطفل العربي
– د. مصطفى عبدالفتاح رئيسا – سوريا
– الناقدة صفاء البيلي – مصر
– المدربة والكاتبة أمينة الرويمي – الجزائر
– الكاتبة والمترجمة أسماء عمارة – مصر
– التربوية الباحثة فاطمة الزعابي – سلطنة عمان
3,372 total views, 2 views today
Hits: 137